المكلف بحراسة بعض الأماكن المهمة هل يعذر في ترك الجمعة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجلٌ أعمل في القطاع العسكري ... وكثيراً ما أسأل من قبل الجنود وغيرهم ممن يكلفون بخفارات ومناوبات على أماكن (قد تكون حساسة) وقد يأتيهم توبيخ وعقوبة إن غادروا أماكنهم؛ فهل يعذر هؤلاء عن حضور الجمعة فيصلونها ظهراً؟ وما الحكم لو كان الجامع قريبا منهم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من كلف بحراسة بعض الأماكن المهمة، فإنه يعذر بتخلّفه عن الجمعة، ولو كان الجامع قريبا، ويصليها ظهرا، لكن يُقتصر في هذا على أقل عدد تحصل به الكفاية؛ لما للجمعة من شأن عظيم لا يجوز التهاون به.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن: مرافق البرق والهاتف التي تستمر أعمالها طيلة أيام الأسبوع، بما في ذلك يوم الجمعة، ويوجد موظفون مناوبون على الأجهزة الهاتفية، واللاسلكية، ولا تسمح لهم أعمالهم بتركها ولو دقيقة واحدة؛ لأن ذلك يحدث توقفا للمخابرات اللاسلكية والهاتفية. فهل يترك هؤلاء الموظفون أعمالهم ويذهبون إلى الصلاة؟
فأجابت:
"الأصل وجوب الجمعة على الأعيان؛ لقول الله سبحانه وتعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ، ولما روى أحمد ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة:(لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم) ، ولما روى مسلم عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم، أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره:(لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين) ، ولإجماع أهل العلم على ذلك، ولكن إذا وجد عذر شرعي لدى من تجب عليه الجمعة كأن يكون مسؤولا مسؤولية مباشرة عن عمل يتصل بأمن الأمة وحفظ مصالحها، يتطلب قيامه عليه وقت صلاة جمعة كحال رجال الأمن والمرور والمخابرات اللاسلكية والهاتفية ونحوهم، الذين عليهم النوبة وقت النداء الأخير لصلاة جمعة أو إقامة الصلاة جماعة- فإنه وأمثاله يعذر بذلك في ترك الجمعة والجماعة لعموم قول الله سبحانه:(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، وقول رسول الله عليه الصلاة والسلام:(ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم) ، ولأنه ليس بأقل عذرًا ممن يعذر بخوف على نفسه أو ماله، ونحو ذلك، ممن ذكر العلماء أنه يعذر بترك الجمعة والجماعة ما دام العذر قائما، غير أن ذلك لا يسقط عنه فرض الظهر، بل عليه أن يصليها في وقتها، ومتى أمكن فعلها جماعة وجب ذلك كسائر الفروض الخمسة " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة"(٨/١٨٨) .
وسئلت أيضا عن صاحب محطة بنزين تبعد عن البلد بحوالي كيلوين، هل يجوز أن يعين حارسًا على المحطة وقت صلاة الجمعة يحرسها من الاشتعال والسرقة، وتسقط صلاة الجمعة عن ذلك الحارس ليصلي ظهرًا علمًا بأن المحطة قد اشتعلت وسرق الدكان قبل ذلك، كما أن صاحب المحطة يسكن في المحطة هو وأولاده ومحارمه وأولاد الحارس ونساؤه.
فأجابت:" إذا كان الأمر كما ذكر جاز للحارس أن يصلي الجمعة ظهرًا ليقوم بحراسة من ذكر وما ذكر؛ لعموم الأدلة الشرعية الدالة على ترك الجمعة في مثل هذا العذر " انتهى.