للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم بيع الفيز وأخذ نسبة من العمال

[السُّؤَالُ]

ـ[طلب مني رجل من الجنسية الهندية قبل فترة أن أقوم بعمل طلب تأشيرة دخول للبلاد لأخيه واتفقنا على مبلغ من المال عند دخول أخيه البلاد وله حرية العمل حيث شاء ولم نتفق على أن آخذ أجرة شهرية وإنما هي مرة واحدة عند قدومه فقط حيث إنه لم يكن مُكرها وإنما بإرادته وبعد أن من الله علي بالالتزام ولله الحمد أصابني شك في المال، هل هو حرام أم حلال؟ وإن كان حراما هل علي إرجاع المال أم التوبة تكفي؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لا يجوز بيع الفيز أو تأشيرات الدخول، لما في ذلك من الكذب والاحتيال على الأنظمة، فالمال المكتسب بهذه الطريقة مال حرام، والتوبة منه تكون بالتخلص منه في أوجه البر المختلفة – هذا إذا كان المال باقيا- أما إذا كان المال قد تم إنفاقه فتكفي التوبة، ولا يلزم التصدق بمقداره.

وانظر جواب السؤال (٧٨٢٨٩) ففيه زيادة فائدة.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: يقوم بعض الأشخاص باستخراج (فيزة) تكلفه تقريباً ثلاثة آلاف ريال، ثم يقوم ببيعها بثمانية أو عشرة آلاف على شخص آخر ليحضر أخاه، فما الحكم في ذلك؟

فأجاب: " (الفيزة) الرخصة يعني يأخذ رخصة من الوزارة لاستقدام عامل، ثم يبيع هذه الرخصة على أحد يستقدم عاملاً، فهذا حرامٌ ولا يجوز؛ لأننا نقول: إن كنت محتاجاً إلى هذا العامل فالفيزة بيدك، وإن لم تكن محتاجاً فرد الفيزة إلى من أخذتها منه، ولا يحل لك أن تبيعها. . . ثم هذا كذب؛ إذا أخذ فيزة على أنه يستقدم عاملاً ثم باعها صار كاذباً" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (١٧٠/١٥) .

وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: أنا شاب أبلغ من العمر ٣٣ سنة، وحالتي المادية ضعيفة، وقد أتى إلي أحد الأيام أحد الإخوة المقيمين بالمملكة، وهو باكستاني الجنسية (مسلم) وطلب مني أن أستخرج له عددا من الفيز لاستقدام بعض أقاربه من الباكستان مقابل أن يدفع لي سبعة آلاف ريال لكل فيزة، وفعلت ذلك نظرا لحالتي المادية، وحاجتي لهذا المال، وقبضت منه قيمة أربع فيز، واستقدمت الأشخاص الذين قد اشترى الفيز من أجلهم، ولهم الآن بالمملكة أربع سنوات يعملون لحسابهم الخاص. سؤالي: هل هذا المال الذي قبضته منهم حلال أم حرام؟ علما بأن الأشخاص المعنيين قد حصلوا على أضعاف ما قد دفعوه إلي من المال، وهم راضون عن وضعهم وما دفعوه بسبيل إقامتهم بالمملكة للعمل. أفيدوني جزاكم الله خيرا.

فأجابوا: "هذا المال حرام؛ لأنه عوض عن الكفالة، وهي من عقود الإحسان، وأيضا كذب؛ لأنه مخالف للأنظمة التي وضعتها الدولة للمصلحة العامة " انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (١٤/١٨٩) .

وسئلوا أيضاً (١٣/٧٩) : استقدمت عمالة أجنبية قبل ٨ سنوات تقريبا، وقد بعت الفيز على شخص هنا، سواء من الباكستان أو مصر، على أن يستقدم العمالة ويعملوا على طريقتهم، أي ليس عندي في المؤسسة، وكان هذا شرطا بيني وبينهم، وعلى اتفاق أن يدفع نسبة كل آخر شهر، وليست إجباريا، ولكن الله هداني إلى الصواب، وتبت إلى الله، وهذا أنا يا سماحة الشيخ أرجو من الله ثم منكم أن تدلوني على الطريق الصحيح، حيث إن بعض العمال سافر إلى بلاده، ولا أعرف له عنوانا، والبعض الآخر موجود، ولكن لا آخذ منه شيئا ...

فأجابوا: "بيع الفيز لا يجوز؛ لأن في بيعها كذبا ومخالفة واحتيالا على أنظمة الدولة، وأكلا للمال بالباطل، قال الله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ) وعلى ذلك فإن ثمن الفيز التي بعتها والنسب التي تأخذها من العمال كسب محرم، يجب عليك التخلص منه، وإبراء ذمتك منه، فما حصلت عليه من ثمن الفيز تنفقه في وجوه البر والخير، من فقراء وإنشاء وبناء مرافق تنفع المسلمين.

وأما الأموال التي أخذتها من العمال أنفسهم نسبة في كل شهر، فإنه يجب عليك ردها إليهم إن كانوا موجودين، أو تيسر إيصالها إليهم في بلدهم على عناوينهم. وإن تعذر معرفتهم أو إيصالها إليهم فإنك تتصدق بها عنهم؛ لأن هذه النسبة اقتطعت منهم بغير حق، وبدون عوض، وعليك الاستمرار في التوبة من هذا العمل، وعدم العودة إليه مستقبلا، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) " انتهى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>