للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي السائِلِين أولى بإعطائه الصدقة

[السُّؤَالُ]

ـ[إذا وجد أحدنا أكثر من سائلٍ، من العاجزين جسديًا، فلمن نعطي الأفضلية في الصدقات؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

مساعدة المحتاجين والتصدق على الفقراء والمساكين من أفضل القربات وأولى الطاعات.

قال الله تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/٢٧٤.

ويتأكد استحباب الصدقة كلما اشتدت حاجة الفقير؛ وذلك أن سد الحاجات وستر العورات من أهم مقاصد تشريع الصدقات.

فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَفْضَلُ الأَعْمَالِ: إِدْخَالُُ السُّرُورِ عَلَى المُؤمِنِ: كَسَوْتَ عَوْرَتَهُ، وَأَشْبَعْتَ جَوْعَتَه، أَوْ قَضَيتَ لَهُ حَاجَةً) رواه الطبراني في المعجم الأوسط (٥/٢٠٢) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (٢٠٩٠) .

وقال الشيخ ابن عثيمين:

" فإن قيل: أيها أولى أن تصرف فيه الزكاة من هذه الأصناف الثمانية؟

قلنا: إن الأولى ما كانت الحاجة إليه أشد؛ لأن كل هؤلاء استحقوا الوصف، فمن كان أشد إلحاحاً وحاجة فهو أولى، والغالب أن الأشد هم الفقراء والمساكين، ولهذا بدأ الله تعالى بهم فقال: (إِنَّمَا ?لصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَ?لْمَسَاكِينِ وَ?لْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَ?لْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى ?لرِّقَابِ وَ?لْغا?رِمِينَ وَفِى سَبِيلِ ?للَّهِ وَ?بْنِ ?لسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ?للَّهِ وَ?للَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) " انتهى.

"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (١٨/ سؤال رقم ٢٥١) .

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (٢٣/٣٠٣) :

" إعطاء المستحقّين الزّكاة ليس بدرجةٍ واحدةٍ من الفضل، بل يتمايز: فقد نصّ المالكيّة على أنّه يندب للمزكّي إيثار المضطرّ على غيره، بأن يزاد في إعطائه منها دون عموم الأصناف " انتهى.

وإذا كان الفقير أو السائل من العاجزين عن العمل، أقعده المرض والابتلاء، فيتأكد إعطاؤه من الصدقة.

قال تعالى: (لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) البقرة/٢٧٣.

قال سعيد بن جبير: إنهم قوم أصابتهم الجراحات في سبيل الله فصاروا زَمْنَى (جمع زَمِن: وهو من به مرض دائم) ، فجعل لهم في أموال المسلمين حقا.

"الدر المنثور" (٢/٨٩) .

والمقصود: بيان أن ميزان المفاضلة في الصدقات هو قدر الحاجة والفاقة، فإذا ظهر لك أن أحد السائلين أشد حاجة وفاقة من الآخر، فهو الأولى بصدقتك.

فإن كان المبلغ الذي تريد أن تتصدق به يكفي لسد حاجة السائِلَيْن، فاقسمه بينهما، وإن كان لا يكفي إلا واحدًا منهما، فلا حرج عليك حينئذ إذا أعطيته لأي منهما، ولتحاول أن تخفي ذلك عن الآخر، حتى لا يقع في قلبه شيء من الحسرة أو الحسد.

وقد سئل فضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله: إذا أخرج الإنسان زكاة ماله، وكانت قليلةً كمائتي ريال مثلاً، فهل الأفضل أن تُعطَى لأسرةٍ واحدةٍ محتاجة، أو تفريقها على عدد من الأسر المحتاجة؟

فأجاب:

" إذا كانت الزكاة قليلةً فصرفها في أسرة محتاجة أولى وأفضل؛ لأن توزيعها بين الأسر الكثيرة مع قلتها يقلل نفعها " انتهى.

"فتاوى ابن باز" (١٤/٣١٦) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>