الصور الجائز والمحرَّم اقتناؤها، وعلاقة ذلك بدخول الملائكة لأمكنة وجودها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي في حجرة بها زينات من العرائس، واللعب؟ وأنا لا أفهم لماذا يقول الناس إن الملائكة لا تدخل بيوتاً بها عرائس، ولعب، فهل هذا من الإسلام؟ . من فضلك بيِّن لي صحة هذا الحكم، بحديث صحيح، لو وُجد.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
من الجيد السؤال عن أحكام الشرع الله تعالى لمن لا يعلمها، ومن الجيد أيضاً: أن يكون السائل فطناً، فيسأل عن الدليل على حكم مسألته، حتى يكون متبعاً الكتاب والسنة.
ثانياً:
ثبت في السنَّة الصحيحة – بلا ريب – تحريم الرسم، والنحت، لذوات الأرواح، وثبت – كذلك - أن الملائكة لا تدخل بيتاً توجد فيه تلك الصور المحرمة، والمقصود بهم: ملائكة الرحمة والاستغفار.
فعن أبي طلحة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَا تَدْخُلُ المَلَائِكَةُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ، وَلَا صُورَةٌ تَمَاثِيلُ) رواه البخاري (٣٠٥٣) ومسلم (٢١٠٦) .
وعن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (إِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ أوْ صُورَةٌ) رواه مسلم (٢١٠٤) .
فإذا وجدت الصور المحرَّمة في بيت: حُرم أهله وجود ملائكة الرحمة، والاستغفار، وصار البيت مأوى للشياطين.
ويدخل في هذه الصور المحرمة:
١. التماثيل لذوات الأرواح، مصنعة، أم منحوتة، من أي مادة كان ذلك التصنيع، أو النحت.
ويدخل فيها حلي النساء المصنع على صورة حيوان.
٢. الصور الشمسية - الفوتوغرافية -، التي لا يحتاج صاحبها إليها، بل يحتفظ بها للذكرى أو لغير ذلك من الأسباب التي ليست ضرورية.
٣. الصور المرسومة باليد، أو بالكمبيوتر، لذوات الأرواح.
ولا يدخل في هذا الحكم [التحريم، وحرمان دخول الملائكة] الصور التي يجوز اقتناؤها، ومنها:
١. ما كان وجوده ضرورة، كصور البطاقة الشخصية، وجواز السفر، وكالصور الموجودة على الأوراق النقدية.
٢. ما كان ممتهناً من الصور، كالموجود منها على السجاد، أو علب الحليب، والصلصة، وغيرها، مما مصيره القمامة.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
قال الخطَّابي: والصورة التي لا تدخل الملائكة البيت الذي هي فيه ما يحرم اقتناؤه، وهو ما يكون من الصور التي فيها الروح، مما لم يقطع رأسه، أو لم يمتهن.
" فتح الباري " (١٠ / ٣٨٢) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
إن صور جميع الأحياء من آدمي أو حيوان محرمة، سواء كانت مجسمة، أم رسوماً، وألوانا في ورق، ونحوه، أم نسيجاً في قماش، أو صوراً شمسية، والملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة؛ لعموم الأحاديث الصحيحة التي دلت على ذلك.
ويرخص فيما دعت إليه الضرورة، كصور المجرمين، والمشبوهين؛ لضبطهم، والصور التي تدخل في جوازات السفر، وحفائظ النفوس؛ لشدة الضرورة إلى ذلك، ونرجو ألا تكون هذه وأمثالها مانعة من دخول الملائكة البيت لضرورة حفظها، وحملها، والله المستعان.
وهكذا الصور التي تمتهن كالتي في الفراش، والوسائد، نرجو أنها لا تمنع من دخول الملائكة، ومن الأحاديث الواردة في ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم) رواه البخاري.
وروي أيضاً عن أبي جحيفة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم (لعن آكل الربا وموكله ولعن المصور) .
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (١ / ٧٢٠، ٧٢١) .
وانظر جواب السؤال رقم (١٣٤٣١٣) .
٣. لعب الأطفال.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (١١٩٠٥٦) و (٢٠٣٢٥) .
ثالثا:
أما حكم الصلاة في مكان فيه صور: فهو مبني على التقسيم السابق، فلا تجوز الصلاة في مكان فيه صور محرَّمة، وتجوز الصلاة في مكان فيه صور جائزة.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
أما الصلاة في الأماكن التي توجد فيها مثل هذه الصور: فإن كانت من الأشياء المباحة، كالذي يُمْتَهَن - على قول جمهور أهل العلم -: فلا بأس بها، وإن كانت من الأشياء التي غير مباحة، مثل الصور المعلقة: فإنه لا يُصلَّى في هذا المكان حتى تُنَزَّل الصور، مع أن هذه الصور المعلقة لا يجوز أن تعلَّق أبداً مهما كان المصوَّر، بعض الناس يضع صورته في برواز، ويعلقها في المجلس، أو يضع صورة والده، أحياناً يضعون صورة الوالد وهو ميت - نسأل الله العافية - وبعض الناس يضع صور اللاعبين - لاعبي الكرة! -، وللناس إرادات، وأهواء، المهم: كل الصور المعلقة لا تجوز أيّاً كان المعلَّق.
" جلسات رمضانية " (رقم الدرس: ٦، عام ١٤١٠ هـ) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
أصلي بغرفة بها صور، كصورة صديق لي معلقة على الحائط، أو صورة إنسان آخر، وقد قال لي بعض الأخوة: " إن صلاتك باطلة بسبب استقبال هذه الصور "، فماذا أفعل في المدة الماضية؟ وما حكم صلاتي؟ بارك الله فيكم.
فأجاب:
الصلاة صحيحة، ومَن قال إن الصلاة باطلة: فقد غلط، فالصلاة صحيحة، ولكن يكره الصلاة في هذه الحجرة إذا تيسر غيرها، وإلا فالصلاة صحيحة؛ لأنك لا تعبد الصور، إنما صليت لله، فصلاتك صحيحة.
" فتاوى نور على الدرب " (ص ٣٠٩، ٣١٠) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
هل تجوز صلاة المصلي وأمامه صورة حيوان، كالحصان - مثلاً -، معلقة على الجدار؟ .
فأجاب:
الصلاة صحيحة، لكن أصل تعليق الصور على الجدران: لا يجوز.
الصور إنما تجوز إذا كانت ممتهنة، توطأ، وأما إذا كانت معلقة: فلا، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة) .
" فتاوى نور على الدرب " (شريط: ٣٧٢، وجه: ب) .
ولمزيد الفائدة يراجع جواب السؤال رقم (٦٣٩٠) و (١٣٠٢٦٣) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب