للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[هل يغفر الله لي]

وقد تقول أريد أن أتوب ولكن ذنوبي كثيرة جداً ولم أترك نوعاً من الفواحش إلا واقترفته، ولا ذنباً تتخيله أو لا تتخيله إلا ارتكبته لدرجة أني لا أدري هل يمكن أن يغفر الله لي ما فعلته في تلك السنوات الطويلة.

وأقول لك أيها الأخ الكريم: هذه ليست مشكلة خاصة بل هي مشكلة كثير ممن يريدون التوبة وأذكر مثالاً عن شاب وجه سؤالاً مرة بأنه قد بدأ في عمل المعاصي من سن مبكرة وبلغ السابعة عشرة من عمره فقط وله سجل طويل من الفواحش كبيرها وصغيرها بأنواعها المختلفة مارسها مع أشخاص مختلفين صغاراً وكباراً حتى اعتدى على بنت صغيرة، وسرق عدة سرقات ثم يقول: تبت إلى الله عز وجل، أقوم وأتهجد بعض الليالي وأصوم الاثنين والخميس، وأقرأ القرآن الكريم بعد صلاة الفجر فهل لي من توبة؟

والمبدأ عندنا أهل الإسلام أن نرجع إلى الكتاب والسنة في طلب الأحكام والحلول والعلاجات، فلما عدنا إلى الكتاب وجدنا قول الله عز وجل: (قل يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً أنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له) الزمر الآيتان ٥٣،٥٤

فهذا الجواب الدقيق للمشكلة المذكورة وهو واضح لا يحتاج إلى بيان.

أما الإحساس بأن الذنوب أكثر من أن يغفرها الله فهو ناشيء عن عدم يقين العبد بسعة رحمة ربه أولاً.

ونقص في الإيمان بقدرة الله على مغفرة جميع الذنوب ثانياً.

وضعف عمل مهم من أعمال القلوب هو الرجاء ثالثاً.

وعدم تقدير مفعول التوبة في محو الذنوب رابعاً.

ونجيب عن كل منها.

فأما الأول: فيكفي في تبيانه قول الله تعالى: (ورحمتي وسعت كل شيء) الأعراف /٥٦.

وأما الثاني: فيكفي فيه الحديث القدسي الصحيح: (قال تعالى من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا أبالي، ما لم يشرك بي شيئاً) رواه الطبراني في الكبير والحاكم، صحيح الجامع ٤٣٣٠. وذلك إذا لقي العبد ربه في الآخرة.

وأما الثالث: فيعالجه هذا الحديث القدسي العظيم: (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أنك أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة) رواه الترمذي، صحيح الجامع ٤٣٣٨.

وأما الرابع: فيكفي فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) رواه ابن ماجه، صحيح الجامع ٣٠٠٨.

وإلى كل من يستصعب أن يغفر الله له فواحشه المتكاثرة نسوق هذا الحديث:

<<  <  ج: ص:  >  >>