معنى الباطن والظاهر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن تشرح لنا معنى اسم الله عز وجل (الباطن) ومعنى (الظاهر) ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فسر معنى الاسمين حديث أبو هريرة رضي الله عنه وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: (وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء) رواه مسلم.
فالظاهر فسره بالظهور بمعنى العلو، والله تعالى عال على كل شيء، وفسره بعضهم بالظهور، بمعنى البروز: فهو الذي ظهر للعقول بحججه وبراهين وجوده وأدلة وحدانيته فهو الظاهر بالدلائل الدالة عليه، وأفعاله المؤدية إلى العلم به ومعرفته فهو ظاهر مدرك بالعقول والدلائل، وباطن لأنه غير مشاهد كسائر الأشياء المشاهدة في الدنيا عز وجل عن ذلك وتعالى علواً كبيراً.
والله سبحانه هو الظاهر بحكمته وخلقه وصنائعه وجميع نعمه التي أنعم بها فلا يرى غيره، والباطن هو المحتجب عن ذوي الألباب كنه ذاته وكيفية صفاته عز وجل.
ونسب إلى بعض العلماء تفسير الباطن بالقريب حيث قال: الباطن: أقرب من كل شيء بعلمه وقدرته وهو فوق عرشه.
وفسر الباطن بالعالم ببواطن الأمور، فهو ذو الباطن، وكذا هو عالم بظواهرها. قال البخاري: قال يحيى - وهو الفرّاء - "هو الظاهر على كل شيء علما، والباطن على كل شيء علما ".
وفسر بعضهم: بأنه غير مدرَك بالحواس كالأشياء المخلوقة التي تدرك بالحواس.
وقيل: هو المحتجب عن أبصار الخلائق وأوهامهم فلا يدركه بصر ولا يحيط به وهم.
ومع أن هذه المعاني كلها صحيحة إلا أن الأولى الالتزام بالتفسير النبوي وهو خير ما يفسر به لأنه صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بالله تعالى. وقد قال ابن جرير: " الظاهر على كل شيء دونه، وهو العالي فوق كل شيء فلا شيء أعلى منه، وهو الباطن جميع الأشياء فلا شيء أقرب إلى شيء منه ".
وذكر ابن القيم أن من جحد فوقيته فقد جحد لوازم اسمه " الظاهر " ولا يصح أن يكون الظاهر من له فوقية القَدْر فقط كما يقال الذهب فوق الفضة؛ لأن هذه الفوقية تتعلق بالظهور بل قد يكون المفوق أظهر من الفائق فيها، ولا يصح أن يكون القهر والغلبة فقط وإن كان سبحانه ظاهرا بالقهر والغلبة، فله سبحانه العلو المطلق من كل وجه وهو علو الذات، وعلو القدر، وعلو القهر.
واسمه سبحانه الباطن: لا يقتضي السفول، والسفول نقص هو منزه عنه، فإنه سبحانه العلي الأعلى لا يكون قط إلا عاليا.
وقد ربط الظاهر بالباطن، والظهور يقارنه العلو فكلما كان الشيء أعلى كان أظهر، وكل من العلو والظهور يتضمن المعنى الآخر ولذا قال صلى الله عليه وسلم: " فليس فوقك شيء " ولم يقل: " ليس أظهر منك شيء "؛ لأن الظهور يتضمن العلو والفوقية.
وفيه أيضا إحاطة الله تعالى بالعالم وعظمته سبحانه واضمحلال كل شيء عند عظمته، هو الباطن سبحانه يدل على اطلاعه على السرائر والضمائر والخبايا ودقائق الأشياء.
[الْمَصْدَرُ]
من كتاب شرح أسماء الله تعالى الحسنى إعداد الدكتورة حصة الصغير ص ٦١