للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان ملتزماً وعمله مختلط وصار على علاقة محرَّمة مع امرأة فهل يتزوجها؟

[السُّؤَالُ]

ـ[لي ابن كان ملتزماً، وفي عمله اختلاط، وتعرَّف على بنت، وصار بينهم علاقة محرمة، هل يجوز منعه من الزواج بها أم نتركه يتزوجها؟ ولكن نخشى منها عليه، علماً أن سلوكها كأي بنت ترتبط بشباب، ولكن لم يتم أي شيء مع أي شاب إلا هو وهو متمسك بها جدّاً، وهل يجوز أن نتركه يتزوجها ثم يطلقها؟ وهل نية الطلاق في هذه الحالة تفسد العقد وأنا أخشى الله؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

ذكرنا في فتاوى متعددة حرمة الاختلاط المستهتر، الذي لا ينضبط بضوابط الشرع في الحجاب، وأدب المعاملة المتبادلة، وذكرنا حرمة العمل والدراسة إن كان فيهما اختلاط، ونأسف أنه يوجد من المفتين من يتساهل في هذا الأمر، ويقر هذه الفوضى العارمة في أماكن الدراسة والعمل، وكأنَّ هؤلاء يعيشون في عالم آخر، لا يرون فيه أثر الاختلاط المحرَّم من إتلافٍ للقلوب، وذَهابٍ للعقول، وضَياع للأديان.

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (١٢٠٠)

ولم ينج من هذا الأثر أحدٌ، فالمرأة العفيفة المصونة وقعت في مستنقع الاختلاط الآسن، فجاءها من قَذَرِهِ وقبح منظره ورديء رائحته شيء كثير، وقُلْ مثل ذلك في الشباب المستقيم على طاعة الله، كيف كان وكيف صار.

وقد جعل الله تعالى في الرجال ميلاً نحو الإناث، وجعل في الإناث ميلاً نحو الرجال، ولم يبح الله تعالى من العلاقة بين الأجانب منهم إلا بالنكاح، ولذا فإن في الشريعة من الأحكام شيئاً كثيراً يغلَق فيه الطريق على السائر فيه نحو الفاحشة، فجاء تحريم النظر إلى الأجنبية، وتحريم مصافحتها، والخلوة بها، وجاء تحريم سفر المرأة وحدها، وغير ذلك من الأحكام التي تقطع على الشيطان طريقه في إيقاع المسلم في فاحشة الزنا.

ثانياً:

قلتِ - أختنا الفاضلة –: " وصار بينهما علاقة محرمة "، ولا ندري معنى هذه الجملة، وهي تحتمل أمرين:

الأول: الزنا – والعياذ بالله -.

والثاني: المصاحبة والخلوة، وما دون الزنا.

فإن كان الاحتمال الأول هو الواقع: فقد وقعا في ذنب عظيم، وجريمة منكرة، وقد حكم الله تعالى على الزاني والزانية غير المحصنين بالجلد مائة جلدة، وعلى المحصن منهما الرجم حتى الموت، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن سلب الإيمان عن الزاني، ورأى في منامه الزناة والزانيات في تنور في نار جهنم.

ومن الأحكام المترتبة على الزناة: أنه يحرم على الزاني تزوج الزانية، ويحرم عليها تزوجه؛ لأن نكاح الزاني والزانية محرَّم، إلا أن يتوبا توبة صادقة من أجل ما وقعا فيه من الذنب العظيم.

فإن تابا وأصلحا، واعتدت المرأة حيضة واحدة: جاز لهما النكاح، ونسأل الله أن يعفو عنهما بمنه وكرمه.

وينظر للزيادة: أجوبة الأسئلة (١٤٣٨١) و (٨٥٣٣٥) و (٩٦٤٦٠) و (٨٧٨٩٤) .

وإن كان الاحتمال الثاني هو الواقع – كما هو الغالب في مثل هذه العلاقات، خاصة وهو يريد الزواج بها - فلا يوجد ما يمنع من نكاحه لها من حيث بطلان العقد، لكن قد يُمنع من باب أنه لا يُرضى دينها، وخلُقها، ولا تصلح زوجة تحافظ على بيته، وتربي له ولده، ولكننا لا نستطيع أن نقول هذا في حال ابنكما، فإذا كانت متهاونة، فهو مثلها؛ وهكذا كل ما نقدره فيها من العيب والخلل، هو موجود فيه.

وإذا كان الدين يأمره بأن يبحث عن المرأة الصالحة التقية الطيبة، فهكذا يأمرها: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) النور/٢٦) ، (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ) النور/٣٢.

فلنكن ـ أيتها السائلة الكريمة ـ واقعيين، ومنصفين!! ولا تنظري في المقارنة بينهما إلى ما كان عليه حال ابنك، بل انظري إلى حاله الآن.

وحينئذ فإذا رأيت أنهما قد تعلق كل منهما بصاحبه واشتدت رغبتهما في الزواج، فإن أقرب طريق لإصلاحهما، وإتقاء الشر من علاقتهما، أن يتزوجها، وقد روى ابن ماجة (١٨٤٧) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَمْ نَرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلَ النِّكَاحِ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة.

وربما تكون هذه فرصة مناسبة لمساومتهما على التوبة والاستقامة والصلاح،قبل إتمام زواجهما.

ثالثاً:

والزواج بنية الطلاق محرَّم، ولا يجوز لمسلم أن ينويه قبل عقد النكاح.

وينظر – للأهمية -: جوابي السؤالين (٢٧١٠٤) و (٩١٩٦٢) .

ونحن معك، ونأمرك بخشية الله في مثل ذلك، لو كانت هذه ابنتك يا أمة الله، أترضين لأحد أن يتزوجها بهذه النية؟!

أيليق بك أن تفكري في مصلحة ابنك، وتبحثي عن الخير له، ولو على حساب الناس؟!

عن عبد الله بن عمرو بن العاص َقَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فقال عليه الصلاة والسلام: (َمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ.. الحديث) رواه مسلم برقم (١٨٤٤) .

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>