ممارسة المرأة للرياضة، ضوابطها، وشروطها، ومخاطرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة، أبلغ من العمر ١٥ سنة، أدرس بالثالثة إعدادي، وكما تعلمون في المدرسة كأي مادة أخرى لدينا مادة " الرياضة "، وفي هذه المادة نمارس العديد من الرياضات: كرة السلة، وكرة اليد، والكرة الطائرة، والعدو السريع، والقفز الطولي ; هذا ما يتوفر عندنا من رياضات، فسؤالي هو: هل يمكن للفتاة المسلمة ممارسة الرياضة؟ كما لدي سؤال آخر أتمنى الإجابة عنه: وهو أنني كذلك يتوفر عندنا في المؤسسة نادي لكرة السلة فتيات، وأنا عضوة في هذا النادي، بحيث يدربنا أستاذ، وفي شهر فبراير نبدأ بخوض مباريات، حيت نذهب إلى مدينة تبعد عنا تقريباً ٣٠ كلم، أنا، والفتيات، والأستاذ، وأستاذ آخر، كمساعد، والسائق، وأحيانا ذكور لرياضة أخرى، ولكن نحن نجلس في الوراء، والذكور في الأمام مع الأساتذة، وبالطبع السائق في الأمام، فهل يجوز لي أن أكمل في هذا النادي؟ . أرجوكم، أريد إجابة في أقرب وقت، مع أنني أريد أن أكون ملتزمة بأوامر الدين، وأتمنى من الله أن يجزيكم خير الجزاء على موقعكم هذا الرائع حقّاً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
للرياضة فوائد صحية، ونفسية، لا تخفى، لكن لما كانت الرياضة في عصرنا هذا أصبح لها طابع خاص: كان لا بدَّ من وضع ضوابط شرعية لهذه الرياضات، ومن التزمت بها كانت رياضتها مباحة، ومن خالفتها صارت اللعبة عليها حراماً، ومن هذه الضوابط:
١. أن تكون ممارسة الرياضة بعيدة كل البعد عن أعين الرجال، سواء كان مدرباً، أو أستاذاً، أو طالباً، أو إداريّاً، أو مشاهداً، ولتحقيق هذا الشرط فإنه لا يجوز تصوير رياضة النساء؛ لئلا تقع في أيدي الرجال فيشاهدونها، فيتخلف الشرط المبيح لممارستها لتلك الرياضة.
ولذا كان الأفضل، والأحسن، والأحوط، والأستر للمرأة أن تمارس الرياضة في البيت، دون النوادي، والصالات، والمدارس، حتى وإن لم يكن في هذه الأماكن اختلاط، لأنها لا تأمن أن يصورها أحد الشياطين الذين يتصيدون ذلك، فيقع ما لا تحمد عقباه. وأما حيث يكون في هذه الأماكن اختلاط، فلا يخفى منعه، كما بينا.
٢. أن تمارس الرياضة بلباس محتشم، فلا يحل لها، ولا للاعبات معها: لبس القصير، ولا الشفاف، ولا الضيِّق من الثياب، وهذا شرط عام في لباسها أمام الرجال، وأمام النساء، لكن يحسن التنبيه عليه هنا؛ لما يوجد من عدم تحقيق لهذا الشرط في كثير من الرياضات، النسائية، والرجالية، كما هو معروف من لباس السباحة، والمصارعة، وكرة القدم والطائرة، والسلة، والجمباز، وغيرها، ويشترك في هذا الشرط النساء والرجال على السواء، وما أكثر نقض هذا الشرط وتخلفه في الجنسين.
٣. أن لا يكون في الرياضة مقامرة، ولا رهان.
٤. أن لا تؤدي الرياضة إلى خصومة، وشحناء، كما هو مشاهد ومعلوم من حال الأمم والشعوب التي لم تكتف بالتقسيم الجغرافي للتفرقة بينها، بل زادت عليه بتقسيم الشعب الواحد إلى أنصار ومشجعين لنادي، مع خصام ومشاجرات مع أنصار ومشجعي النوادي الأُخر.
٤. أن تمارس الرياضة في أوقات محدودة، ولا يجوز أن تُشغل المرأةَ عن واجباتها الدينية، والدنيوية.
٥. عدم تشغيل الموسيقى أثناء التمارين أو اللعب.
٦. عدم التشبه بالكافرات في تسريحتها، أو لباسها، أو التسمي باسمها؛ لما نهينا عنه من التشبه الكفار عموماً؛ ولما في مثل تلك الأشياء من تعظيم أولئك الكفار.
٧. أن لا تكون اللعبة قتالية فيها ضرب للوجه، أو الرأس، ولا يكون فيها طقوس كفرية، كالانحناء الذي يفعله اللاعبون قبل ممارسة بعض الألعاب.
فإذا توفرت هذه الشروط: فيجوز ممارسة المرأة للرياضة، مع أننا ننصح الأخوات بأن يصنَّ أنفسهن، ويحفظن أوقاتهن، فلا يضيعنها في مثل هذه الأعمال، فصيانة المرأة وحمايتها تكونان في الالتزام بأوامر الله، والتي من أهمها: القرار في البيوت، وعدم الخروج منها لغير حاجة؛ امتثالاً لقوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) الأحزاب/ ٣٣.
وانظري تفاصيل هذه الشروط مع مزيد بيان لها: أجوبة الأسئلة: (٩٥٢٨٠) و (٧٨٢٢٣) و (٢٢٩٦٣) و (٢٠١٩٨) .
وهذه الضوابط والشروط يمكن للأخت المسلمة أن تتحكم فيها إذا مارست الرياضة مع أخواتها في أماكن خاصة بهن، مأمونة من اطلاع الرجال عليهن، أو تسلق المتطفلين عليها.
وأما تحقيق ذلك في المدارس والمعاهد والجامعات: فإن هذا غير ممكن، لذا كان إدخال مادة " التربية البدنية " سببا من أهم أسباب التهتك والانحلال، وانشكاف العوارت، وموت الحياء، ثم تكون الطامة الأخرى بوجود مدرب أو أستاذ من الرجال، ثم بوجود إداريين، وهكذا حتى تتطور الأمور لما هو مشاهد أصلاً الآن، ومعلوم من حال كثير من الدول العربية والإسلامية، للأسف.
سئل الشيخ عبد الكريم الخضير – حفظه الله -:
إدخال " التربية البدنية " في مدارس تعليم البنات بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، ما حكم إدخال مثل هذه المادة في تعليم البنات؟ .
فأجاب:
المطالبة بدراسة إدخال " التربية البدنية " في مدارس البنات: اتباع لخطوات الشيطان، الذي نهينا عنه بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) البقرة/ ١٦٨، وقوله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) البقرة/ ٢٠٨، وقوله: (وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) الأنعام/ ١٤٢، وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) النور/ ٢١.
وقد بيَّن الله لنا أتم بيان أن الشيطان لنا عدو، وأمرنا أن نتخذه عدواً، والشيطان حريص على إضلال بني آدم، كما أقسم بعزة الله جل وعلا قائلاً - كما ذكره الله عنه -: (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ص/ ٨٢.
وإذا رأينا ما فعله الشيطان بالنسبة لهذه الرياضة المزعومة، من إيقاع العداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله، مما لا يخفى على أحدٍ، ويكفينا ما مرت به الدول المجاورة لمَّا تجاوزوا أمر الله عز وجل، واتبعوا خطوات الشيطان، فالخطوة الأولى: أن تلعب الرياضة مع الحشمة، وفي محيط النساء، ثم تنازلوا عن هذه الشروط شيئاً فشيئاً، إلى أن وصل الحد إلى وضع لا يرضاه مسلم، عاقل، غيور، فضلاً عن متدين، وإذا كان الذكور مطالبين بالإعداد والاستعداد: فالنساء وظيفتهن القرار في البيوت، وتربية الأجيال على التدين، والخلُق، والفضائل، والآداب الإسلامية.
فالذي لا أشك فيه: أن ممارسة الرياضة في المدارس بالنسبة للبنات: حرام؛ نظراً لما تجر إليه من مفاسد لا تخفى على ذي لب، ولا تجوز المطالبة بها، فضلاً عن إقرارها.
" فتاوى الشيخ عبد الكريم الخضير " (١ / ٢١ , ٢٢) ترقيم الشاملة.
وبإمكانك ـ أيتها السائلة الكريمة أن تراجعي في موقعنا الأجوبة التالية:
١١٢١٨٨ نصيحة لطالبة جامعية بترك جامعتها المختلطة
٤٧٥٥٤ - حديث الطالبة مع مدرسها في الجامعة
٨٨٢٧ - كيف تتصرف في مدرسة أكثرها ذكور
٨٢٣٩٢ - سفر المرأة لطلب العلم بلا محرم
١٢٠٠ - أدلة تحريم الاختلاط
٧٩٥٤٩ - حكم تدريس الرجل للفتيات بلا حائل
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب