تأخير القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني، وهل يفدي قبل أن يقضي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إحدى الأخوات دخل عليها رمضان، وعليها ستة أيام من رمضان الذي قبله , بعد انقضاء رمضان الثاني سألتني عما يلزمها , وبعد أن سألتُ وقرأتُ قلتُ لها إن عليها القضاء والفدية عن كل يوم، وقمنا بإخراج كيلو ونصف من القمح عن كل يوم، وأخرجنا فدية الستة أيام دفعة واحدة ليتامى بجوارنا، علماً أنها لا زالت لم تتم قضاء الأيام التي عليها، هل مقدار هذه الفدية صحيح؟ وهل إخراجها قبل القضاء يعتبر صحيحاً؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الفدية لا تدفع إلا إلى الفقراء والمساكين، فعلى هذا إن كان هؤلاء الأيتام فقراء جاز دفعها إليهم، وإن كانوا أغنياء فلا يجوز دفعها إليهم، وعليكم إعادة إخراجها.
وقد أحسنتم في إخراجها طعاماً، فهذا هو الأصل فيما أوجبه الله طعاماً، ولا يجوز إخراج الفدية مالاً، وهكذا القول في الإطعام في كفارة اليمين، والظهار، وفي زكاة الفطر، وغيرها مما أوجب الله تعالى فيه الإطعام.
ثانياً:
وأما بخصوص أصل المسألة، وهي الإطعام مع القضاء لمن دخل عليه رمضان آخر ولم يقضِ ما عليه من الأيام: ففيها خلاف بين العلماء، وقد فصَّلنا القول فيها في جواب السؤال رقم (٢٦٨٦٥) وبيَّنا هناك أن تأخير القضاء إلى رمضان الآخر إن كان بعذر كاستمرار المرض أو السفر أو وجود حمل أو إرضاع: فلا يلزم إلا القضاء، وإن كان بغير عذر: فعلى المتأخر التوبة والاستغفار، وعليه - عند جمهور العلماء - فدية طعام مسكين لكل يوم مع القضاء، وقد ذكرنا هناك أن الراجح عدم وجوب الفدية، إلا أنه إن فعل ذلك احتياطاً فحسن.
ونبيِّن هنا أمراً زائداً، وهو ما جاء في سؤالك، وهو أنه يجوز دفع الفدية قبل البدء في القضاء، لأن الفدية متعلقة بتأخير القضاء، وليست متعلقة بالبدء في القضاء.
وعلى هذا، فيجوز إخراج الفدية في اليوم الذي سيصومه قضاءً، أو قبله أو بعده.
جاء في " الموسوعة الفقهية " (٢٨ / ٧٦) :
" وقضاء رمضان يكون على التّراخي. لكن الجمهور قيّدوه بما إذا لم يفت وقت قضائه، بأن يهلّ رمضان آخر، لقول عائشة رضي الله تعالى عنها: (كان يكون عليّ الصّوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلاّ في شعبان، لمكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم) . كما لا يؤخّر الصّلاة الأولى إلى الثّانية.
ولا يجوز عند الجمهور تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر من غير عذر يأثم به، لحديث عائشة هذا، فإن أخّر فعليه الفدية: إطعام مسكين لكلّ يوم، لما روي عن ابن عبّاس وابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم قالوا فيمن عليه صوم فلم يصمه حتّى أدركه رمضان آخر: عليه القضاء، وإطعام مسكين لكلّ يوم، وهذه الفدية للتّأخير،....ويجوز الإطعام قبل القضاء ومعه وبعده " انتهى.
والأفضل - عند من يرى وجوب الفدية للتأخير، أو يراها احتياطاً -: أن يكون دفعها له قبل القضاء؛ مسارعة إلى الخير؛ وتخلصا من آفات التأخير، كالنسيان.
قال المرداوي الحنبلي – رحمه الله -:
" يُطعم ما يجزئ كفارة، ويجوز الإطعام قبل القضاء، ومعه، وبعده، قال المجد – أي: ابن تيمية جد شيخ الإسلام -: الأفضل تقديمه عندنا؛ مسارعةً إلى الخير؛ وتخلصاً من آفات التأخير " انتهى.
" الإنصاف " (٣ / ٣٣٣) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب