للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا ينبغي للمسلم إذا صنعت زوجته طعاما لم يعجبه أن يصيح بها أو ينتهرها.

[السُّؤَالُ]

ـ[هل صحيح أنه لا يجوز الصراخ على الزوجة إذا صنعت طعاماً لم يعجب الزوج؟ وما التصرف الصحيح في مثل هذه الحالة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لا بد أن يكون قيام الحياة الزوجية على الحب والود والوفاق، فيؤدي الزوج حق زوجته عليه، وتؤدي الزوجة حق زوجها عليها، ثم يتسامحان فيما قد يحصل من النقص والخطأ، وبهذا يهنآن بالعيش، ويسعدان بالصحبة، ويسعد بسعادتهما أولادهما.

وقد روى مسلم (١٤٦٩) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ) .

قال الشيخ السعدي رحمه الله:

"هذا الإرشاد من النبي صلى الله عليه وسلم للزوج في معاشرة زوجته من أكبر الأسباب والدواعي إلى حسن العشرة بالمعروف، فنهى المؤمن عن سوء عشرته لزوجته. والنهي عن الشيء أمر بضده. وأمره أن يلحظ ما فيها من الأخلاق الجميلة، والأمور التي تناسبه، وأن يجعلها في مقابلة ما كره من أخلاقها فإن الزوج إذا تأمل ما في زوجته من الأخلاق الجميلة، والمحاسن التي يحبها، ونظر إلى السبب الذي دعاه إلى التضجر منها وسوء عشرتها، رآه شيئا واحدا أو اثنين مثلا، وما فيها مما يحب أكثر. فإذا كان منصفا غض عن مساوئها لاضمحلالها في محاسنها.

وبهذا: تدوم الصحبة، وتؤدى الحقوق الواجبة المستحبة. وربما أن ما كره منها تسعى بتعديله أو تبديله" انتهى.

"بهجة قلوب الأبرار" (ص/١٧٥) .

والصياح على الأكل، وافتعال المشاكل بسببه، ليس من المعاشرة بالمعروف، وهو – مع ذلك – يخالف الهدي النبوي، والسمت الصالح الذي ينبغي أن يتحلى به المسلم في بيته.

فروى البخاري (٣٥٦٣) ومسلم (٢٠٦٤) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (مَا عَابَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا قَطُّ، إِنْ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ) .

قال النووي:

"هَذَا مِنْ آدَاب الطَّعَام الْمُتَأَكَّدَة. وَعَيْب الطَّعَام كَقَوْلِهِ: مَالِح , قَلِيل الْمِلْح , حَامِض , رَقِيق , غَلِيظ , غَيْر نَاضِج , وَنَحْو ذَلِكَ" انتهى.

وقال ابن حجر:

"ذَهَبَ بَعْضهمْ إِلَى أَنَّ الْعَيْب إِنْ كَانَ مِنْ جِهَة الْخِلْقَة كُرِهَ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَة الصَّنْعَة لَمْ يُكْرَه , قَالَ: لِأَنَّ صَنْعَة اللَّه لَا تُعَاب وَصَنْعَة الْآدَمِيِّينَ تُعَاب. قُلْت: وَاَلَّذِي يَظْهَر التَّعْمِيم , فَإِنَّ فِيهِ كَسْر قَلْب الصَّانِع" انتهى.

فينبغي لمن صنعت له زوجته طعاما لم يعجبه، أو لم يشتهه , أن يتحلى بهذا الخلق النبوي الكريم: إن اشتهاه أكله، وإلا تركه، دون أن يحدث لأهل البيت إزعاجا، أو يصيح ويضجر.

ولا بأس أن يتلطف مع زوجته في النصح إذا كان الطعام معيبا، فيبين لها أنه ليس كامل النضج مثلا، أو أنه قليل الملح، أو هذا النوع من الطعام لا أشتهيه، ويا حبذا لو صنعت من هذا النوع أو ذاك. ونحو ذلك، بأسلوب هادئ، وطبع حميد.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>