على علاقة بامرأة لا يريد أن يلزمها بالحجاب ولا يريد أن يفارقها
[السُّؤَالُ]
ـ[أسلمت منذ ٤ سنوات، وكان ذلك هو أفضل ما يمكن أن يحصل لي في حياتي. وأنا لا أزال أتذكر (أني كنت أتمنى) الزواج من محجبة. أنا على علاقة بمسلمة لديها دراية بأمور الإسلام. أعلم أنه يمكنني أن أحكم على نفسي وحدي وأن علي الاهتمام بتصرفاتي وسلوكي، لكني كنت أتمنى أن تكون علاقتي مع امرأة محجبة. أظن أن علي ببساطة أن أتركها، لكني لا أريد ذلك، ولا أريد أن أحاول حملها على ارتداء الحجاب، فالمسألة راجعة لها وحدها. هل عندك أي شيء يمكنني فعله أو قولها لها مما قد يساعدها في ارتداء الحجاب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نحمد الله تعالى أن وفقك وهداك، وشرح صدرك للإسلام، ونهنئك على ذلك، ونرجو لك مزيدا من الطاعة والاجتهاد في العلم والمعرفة.
ثانيا:
الحجاب واجب، أوجبه الله تعالى على المرأة، صيانة لها وللمجتمع من الانحراف والفساد الذي ينشأ عن الاختلاط وكشف العورة وإطلاق البصر. وهو فضيلة عظيمة يدل على حياء المرأة وعفتها وسلامة فطرتها.
وينبغي أن تظل على ما كنت عليه من الرغبة في الزواج بصاحبة الحجاب، المتدينة العفيفة، التي تكره مخالطة الرجال، وتأنف من نظرهم إليها وتأملهم في محاسنها.
وهذه المرأة التي أشرت إليها في سؤالك: إن كانت صاحبة دين وخلق، تصلي وتصوم، وتطيع الله تعالى، إلا أنها مقصرة في أمر الحجاب، فلا حرج عليك في الزواج منها، بعد دعوتها إلى الحجاب، والتزامها به.
وليس المطلوب منك الآن أن تحملها على الحجاب، لكن المطلوب هو دعوتها إليه، وترغيبها فيه، أما الزوج فإنه مسئول عن زوجته، يأمرها بالمعروف وينهاها عن المنكر، ولا يجوز له أن يدع زوجته تخرج أمام الرجال بلا حجاب؛ لأن هذا من المنكر الذي يجب عليه إنكاره، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم/٦.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) رواه البخاري (٨٩٣) ومسلم (١٨٢٩) .
ثالثا:
ما ينبغي أن يقال لهذه المرأة: هو تذكيرها بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا فلاح ولا سعادة إلا في ظل هذه الطاعة، التي تعد مقياسا لدرجة محبة الإنسان لربه، ولنبيه صلى الله عليه وسلم. فعلى قدر هذه المحبة يكون التطبيق والامتثال.
وكيف تسمع المسلمة أمر الله تعالى بالحجاب في قوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ) الأحزاب/٥٩، وقوله تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ... ) النور/٣١.
كيف تسمع المسلمة هذه الأوامر، ثم تظل مخالفة لها، مبتعدة عنها، تصبح وتمسي وهي تعصي الله تعالى، وتعصي رسوله صلى الله عليه وسلم؟
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذه المعاصي وبَيَّن أنها تفسد القلب، وتغيره، وتحجب نوره، فقال: (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا، حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)) رواه الترمذي (٣٣٣٤) وابن ماجة (٤٢٤٤) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
وبيّن حال المرأة المتبرجة وعذابها ومصيرها فقال: (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ، يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا) رواه مسلم (٢١٢٨) .
وماذا ستقول هذه المسلمة لربها، إن قبض روحها الآن، وهي تعصيه وتخالفه؟ وما هي الأعذار التي يمكن أن تعتذر بها؟
أمَا إنه لا يغني عن الإنسان جماله، ولا ماله، ولا أصحابه، ولا ينفعه إلا عمله الصالح.
وما أيسر الحجاب، لو تأملت المرأة العاقلة! إنه لا يحتاج إلا لقرار حازم، تعلن فيه المرأة أنها محبة لله، راغبة فيما عنده، مؤثرة له على كل هوى وفتنة، وستجد بعدها كم هو جميلٌ هذا الحجاب، وكم هو الفرق بين السترِ والتكشف.
رابعا:
لا يجوز للرجل أن يقيم علاقة مع امرأة أجنبية عنه، ولو كان بنية الزواج منها، لما تؤدي إليه هذه العلاقات –غالبا- من محرمات، كالنظر والخلوة واللمس وتعلق القلب وغير ذلك.
وعلى كل مسلم أن يعلم أن الله تعالى مطلع عليه، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأن الزواج الناجح السعيد لا يبنى على معصية الله. فبادر بقطع علاقتك بهذه المرأة، ودلها على بعض الصالحات من زوجات أصدقائك وإخوانك، ليكنّ لها عونا على طاعة الله.
ولعلها بمقاطعتك لها، تفكّر في أمرها، وترتدي الحجاب وتستقيم على الطاعة، فتكون زوجة صالحة لك.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لاختيار الزوجة الصالحة المطيعة لله، وأن يوفق هذه الأخت إلى ارتداء الحجاب، ولزوم الحق والصواب.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب