تخشى أن تحرم الثواب إن أجرت عمليات للولادة من غير آلام
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد عدة طرق لتخفيف الألم أثناء الولادة، قد يصل بعضها إلى عدم الشعور بأية آلام، ولكني أعرف أن في هذا الألم ثواباً جزيلاً، فهل سأنال هذا الثواب إذا كانت الولادة بدون ألم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
كل ما يصيب المؤمن من تعب أو مشقة أو ألم فإنه يكفر عن خطاياه، كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ) رواه البخاري (٥٦٤٢) ومسلم (٢٥٧٣) .
وليس معنى ذلك أن يطلب الإنسان المشقة، ولا يحاول تجنبها، بل كلما كان الفعل أيسر وأسهل كان أقرب إلى محبة الله تعالى، ما لم يكن إثماً ولهذا قالت عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا) رواه البخاري (٣٥٦٠) . وقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ) رواه أحمد (٥٨٣٢) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٥٦٤) .
وعلى هذا، فلا حرج من استعمال ما يؤدي إلى تخفيف الألم عند الولادة، أو عدم حصوله تماماً، وعملية الولادة لا تخلو من مشقة ومخاطرة، وفضل الله تعالى واسع.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين:
سائلة تقول بأنها امرأة ضعيفة الجسم، وقد ولدت طفلاً بصعوبة، أعطوها مادة سائلة يقولون بأنها طلق صناعي لأن طلقها ضعيف، ومع هذا الطلق الصناعي تقول كأنني أشعر كأني أفقد عقلي، وتعبت كثيراً بعد الولادة، وظل التعب لمدة سنة تقريباً، تقول بأنها حملت بعد ذلك بابنها الثاني فنصحها البعض بالذهاب إلى مستشفى خاص، وأعطوها إبرة تخدير لأنها لن تتحمل الطلق الصناعي، أيضاً تقول بعد أن أعطوني إبرة التخدير لم أشعر بألم الولادة، ونمت قليلاً.
هل هذا جائز يا فضيلة الشيخ، تقول لأنها حامل في شهرها الثالث؟
أرجو الإفادة جزاكم الله خيرا؛ لأن البعض أخبرني بأن هذا لا يجوز؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
" إذا كانت المرأة يشق عليها الطلق والولادة، وأخذت من الأدوية المباحة ما يعينها على ذلك، فإن هذا لا بأس به، وهو من باب التنعم بنعم الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى من كرمه وجوده وفضله يحب لعباده أن يتنعموا بنعمه التي مَنَّ بها عليهم، ويحب من عبده أن يرى أثر نعمته عليه، واستعمال هذه المسكنات أو المقويات في الطلق أو ما أشبه ذلك من الأشياء المباحة لا بأس به ولا حرج؛ لأن الله سبحانه وتعالى يحب اليسر لعباده، كما قال الله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ) " انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (الجنائز/الأحكام الطبية) .
أما مقدار الثواب، فهذا أمره إلى الله تعالى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب