للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم تأثيث المكاتب بأثاث فخم وهل يدخل في الإسراف؟

[السُّؤَالُ]

ـ[بخصوص العمل، فطبيعة الشركة التي أملكها تحتم أن تكون المكاتب فخمة جدّاً، وتعكس طابع العمل، وسيتم تجهيزها بمئات الألوف، علماً بأن الغرض الأساسي من تلك الشركة هو أن أتمكن من التفرغ لطلب العلم، فهل إن قمت بذلك يعد إسرافاً. وإن كانت طبيعة العمل تحتم أن يلبس الشخص ملابس أنيقة جدّاً (مثل البدل الأنيقة، والغالية، والساعة، والحذاء الغالي.. الخ) ، فما العمل؟ علماً بأني قد أطلب ذلك من العاملين في الشركة لدي، وقد أقوم بدفع بدلات لهم مقابل ذلك، وكله بحكم طبيعة العمل.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

الذي يظهر لنا أن ما تنفقه الشركات على تأثيث مكاتبها، والاهتمام بمظهرها وأناقتها: ليس فيه حرج لذاته، إلا أنه يُجتنب في هذا أمور:

الأول: أن يكون في ذلك إسراف، وذلك بتجاوز الحد عن قدرة الشركة المالية، أو يكون ذلك التأثيث وتلك الأناقة زائدة عن الحاجة لها في الشركة، والاعتدال في الأمور المباحة مطلوبة.

والثاني: أن يكون ذلك بقصد التشبع بما لم تُعط من أجل اصطياد الزبائن، وإيهامهم بقوة الشركة المادية، ومن المعلوم أن مثل هذا التأثيث والأناقة أنها رسالة لمن يرى ذلك، ليحكم من خلال ما يراه على قوة الشركة، ووجود الأعمال لديها، ولا يكون الأمر كذلك في واقع الحال، بل يُفعل ذلك من أجل الإيهام والتغرير بالزبائن.

والثالث: أن تجتنب التماثيل وتعليق صور ذوات الأرواح على الجدران، ويجوز تعليق صور الأشجار والأنهار وعموم ما ليس له روح.

وانظر جوابي السؤالين: (٧٩١٨) .

والرابع: تجنب تعليق آيات من القرآن الكريم.

وانظر في ذلك جواب السؤال رقم (٢٥٤) .

ثانياً:

وأما بخصوص لباس الموظفين: فإنه لا مانع أن تكون ملابسهم وأحذيتهم وساعاتهم أنيقة ومميزة، لكن على أن لا يكون فيها مخالفات شرعية، ومنها:

١. أن تكون ملابسهم موافقة للشروط الشرعية، فلا تكون من لباس الكفار الخاصة بهم، ولا تكون ضيقة تصف، ولا شفافة تشف، ولا تكون ثيابا فيها إسبال.

وفي جواب السؤال رقم (٣٦٨٩١) جملة من أحكام اللباس فلتنظر.

وينظر جواب السؤال رقم (٦٩٧٨٩) لمعرفة ماهية ثياب الكفار المنهي عنها، وحكم لبس البدلة.

وتنظر أدلة تحريم الإسبال في جواب السؤال رقم: (٧٦٢) .

وفي جواب السؤال رقم: (٧٢٨٧٨) تجد أحكام اللباس من حيث لونه.

٢. أن لا تكون الساعات ذهبية.

وينظر في ذلك جواب السؤال (٦٥٢) وفيه حكم لبس الساعات المطلية بالذهب.

٣. أن لا يكون تجاوزٌ للحد في أثمانها، فلا مانع أن تكون أنيقة، لكن لا ينبغي تجاوز الحد فيها من حيث عددها، ومن حيث أثمانها.

وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون ثياب المسلم حسنة، ونعاله حسنة، بل إنه أثنى على ذلك.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ) رواه مسلم (٩١) .

وأذن النبي صلى الله عليه وسلم في أن يلبس المرء ما يشاء إذا اجتنب الإسراف والمخيلة.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ) .

رواه النسائي (٢٥٥٩) وابن ماجه (٣٦٠٥) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح النسائي ".

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ.

رواه البخاري عنه في صحيحه، في كتاب اللباس (٥ / ٢١٨٠) .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:

والذي يجتمع من الأدلة: أنَّ مَن قصد بالملبوس الحسن إظهار نعمة الله عليه، مستحضراً لها، شاكراً عليها، غير محتقر لمن ليس له مثله: لا يضره ما لبس من المباحات، ولو كان في غاية النفاسة، ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة مِن كِبْر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، فقال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس) ، وقوله (وغَمْط) بفتح المعجمة وسكون الميم ثم مهملة: الاحتقار.

" فتح الباري " (١٠ / ٢٥٩، ٢٦٠) .

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>