للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كفارة جماع النفساء

[السُّؤَالُ]

ـ[ما هى كفارة مباشرة المرأة فى فرجها أثناء فترة النفاس؟ علما بأن السؤال رقم (٣٦٧٢٢) لا يحتوى على الكفارة إذا تمت المباشرة الفعلية، ولكنه يوضح فقط أنها محرمة - وهذا معلوم - ولكن قد وقع الخطأ، ونريد أن نعرف كفارته؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

اختلف أهل العلم في وجوب الكفارة على من جامع الحائض أو النفساء، على ثلاثة أقوال:

القول الأول: وجوب الكفارة: حكاه ابن المنذر عن ابن عباس وقتادة، وحكاه بعض الشافعية قولا قديما للشافعي، وبعضهم أنكره، وهو رواية عن أحمد عليها جمهور الحنابلة كما قال المرداوي في "الإنصاف" (١/٣٥١) ، وحكى بعض الحنابلة عن أحمد في النفساء رواية واحدة بالوجوب، بخلاف الحيض. انظر: النووي في "المجموع" (٢/٣٩١) ، "الإنصاف" (١/٣٤٩)

واستدلوا عليه بما جاء من طرقٍ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ - قَالَ: (يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ) .

الحديث أخرجه أبو داود (٢٦٤) وغيره، وهذا الحديث اختلف في إسناده ومتنه على أوجه كثيرة، كما اختلف النقاد في تصحيحه وتضعيفه اختلافا كبيرا.

انظر "التلخيص الحبير" (١/٢٩٢-٢٩٣) ، وتعليق الشيخ أحمد شاكر على "سنن الترمذي" (١/٢٤٦ - ٢٥٤) .

القول الثاني: الاستحباب وعدم الوجوب:

يقول النووي في "المجموع" (٢/٣٩١) :

" حكاه أبو سليمان الخطابي عن أكثر العلماء , وحكاه ابن المنذر عن عطاء وابن أبي مليكة والشعبي والنخعي ومكحول والزهري وأيوب السختياني وأبي الزناد وربيعة وحماد بن أبي سليمان وسفيان الثوري والليث بن سعد " انتهى.

وهو قول الحنفية والشافعية:

جاء في "الدر المختار" (١/٢٩٨) :

" ويندب تصدقه بدينار أو نصفه " انتهى. وانظر: "الفتاوى الهندية" (١/٣٩)

ويقول النووي في "المجموع" (٢/٣٩٠) :

" إذا وطئها عالما بالحيض وتحريمه مختارا ففيه قولان , الصحيح الجديد: لا يلزمه كفارة , بل يعزر ويستغفر الله تعالى ويتوب , ويستحب أن يكفر الكفارة التي يوجبها القديم.

والثاني ـ وهو القديم ـ: يلزمه الكفارة ... ، ثم ذكر الخلاف في حكاية الوجوب قولا قديما للشافعي - " انتهى.

القول الثالث: الواجب التوبة والاستغفار ولا كفارة في ذلك: وهو قول المالكية، كما في "الموسوعة الفقهية" (١٨/٣٢٥) ، وقول ابن حزم في "المحلى" (٢/١٨٧) .

ولا شك أن القول بالصدقة المذكورة في الحديث هو أحوط وأبرأ للذمة، وأدعى إلى الانتهاء عن تلك المعصية، وتعظيم حرمات الله عز وجل، وعدم تعدي حدوده، لا سيما وقد قال به ابن عباس رضي الله عنهما، إن لم يصح الحديث مرفوعا.

قال الشيخ محمد بن إبراهيم، رحمه الله:

" وطء الرجل امرأَته وهي حائض حرام بنص الكتاب والسنة؛ قال الله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) [الآية، البقرة /٢٢٢] ، والمراد المنع من وطئها في المحيض، وهو موضع الحيض، وهو الفرج؛ فإذا تجرأ ووطئها، فعليه التوبة، وأَن لا يعود لمثلها، وعليه الكفارة، وهي دينار أَو نصف دينار، على التخيير؛ لحديث ابن عباس مرفوعًا ... ، والمراد بالدينار: مثقال من الذهب، فإن لم يجده فيكفي قيمته من الفضة. " انتهى. فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم (٢/٩٨) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" وجوبُ الكفَّارة من مفردات المذهب [يعني: مذهب الحنابلة] ، والأئمة الثَّلاثة يرون أنَّه آثم بلا كفارة.

والحديثُ صحيحٌ، لأنَّ رجالَه كلَّهم ثقاتٌ، وإذا صحَّ فلا يضرُّ انفرادُ أحمد بالقول به.

فالصحيح: أنها واجبةٌ، وعلى الأقل نقولُ بالوجوب احتياطاً." انتهى.

الشرح الممتع (١/٢٥٥) ط مصر.

وكذلك أفتى بوجوب الكفارة: علماء اللجنة الدائمة، كما في فتاوى اللجنة (٦/٩٣،١١٢) .

تنبيه: قيمة الدينار، بالوزن: (٤.٢٥) غراما تقريبا، فالواجب عليه أن يتصدق بهذه القيمة، أو نصفها.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>