مدرس ينشغل عن حصصه الأصلية بحجة النشاط وأعمال أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم انشغال المعلم عن دخول حصصه الأصلية في المدرسة بحجة انشغاله بأعمال أخرى مثل الكمبيوتر أو النشاط أو الإرشاد أو أي أمر آخر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا شك أن الوظيفة الأساسية للمدرس هي قيامه بالتدريس في الحصص المخصصة له، لكن الأعمال الأخرى كالنشاط والإشراف وإعداد اللوحات ونحو ذلك، لا يستهان بها أيضا؛ لما لها من أثر نافع على الطلاب، وعلى إقبال الناس على المدرسة. وقد ينتفع الطالب بهذه الأنشطة أكثر من انتفاعه بالدرس المجرد، فعلى إدارة المدرسة أن تنظم هذه الأعمال، وتوزع هذه المهام بحيث لا تؤثر على أداء المدرس في فصله.
وإذا كان المدرس قد كُلِّف بهذه الأعمال من قبل الإدارة فلا حرج عليه في ذلك.
وإن كان يفعلها من قبل نفسه، فهو مشكور على ذلك، لكن ينبغي أن يسدد ويقارب، ولا يفوت على الطلاب حقهم من الشرح والتدريس اللازم لهم، أو أن يطلب تخفيف الحصص عنه، ليتفرغ لهذه الأنشطة، فيكون ذلك جمعا بين المصلحتين.
وإن لم يكن للأنشطة التي يقوم بها أهمية، أو أن غيره قد كفاه أمرها، أو كان يبالغ في تضييع وقته فيها، على حساب أدائه في الفصل، فلا شك أن هذا تفريط في الواجب وتضييع للأمانة، (وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ) البقرة/٢٢٠، وعليه أن يتقي الله تعالى، وألا ينشغل بالمفضول عن الفاضل، وأحرى ألا ينشغل بالمفضول عن الواجب.
وفي بيان أهمية الأنشطة، وضرورة التعاون لأدائها، قال الشيح ابن جبرين حفظه الله:" ينبغي التعاون والتساعد على الأمور المهمة التي يحتاج إليها داخل المدرسة، كإعداد مقالات، أو بحث مسألة، أو اشتراك في نشاط مدرسي، أو كتابة صحف حائطية، أو إرشادات وتوجيهات مهمة توحي بتقدم المدرسة وأهلها، وتعطي فكرة قوية لمن زارها بقوة الأنشطة والنصائح والأفكار، ولا شك أن هذا لا يحصل من فرد أو اثنين، فلا ينبغي للمدير إهمال هذا الجانب والانفراد في غرفة الإدارة، والاقتصار على تكليف كل مدرس بإلقاء مادته داخل الفصل، بل عليه واجب فوق ذلك وهو الحرص على مضاعفة النشاط الطلابي، وشحذ الهمم على الأعمال النافعة، وحث الطلاب والمدرسين والموظفين على التعاون فيما بينهم، وبذل شيء من الجهد والوقت في الكتابات والتوجيهات والفوائد التي تلفت الأنظار وتعجب الزوار، ويظهر من آثارها الإخلاص والنصح للتلاميذ وغيرهم، فمتى ترك ذلك مدير المدرسة فعلى المدرسين إبداء اقتراحاتهم وإبداء تعاونهم معه في صالح الجميع. ومتى طلب المدير منهم أو من بعضهم تولي بعض الأعمال، فعليه المبادرة وتلبية الطلب، فذلك مما يجب على الجميع، وهو من التعاون على البر والتقوى. وهكذا لو احتاج ذلك إلى بذل شيء من المال ينفع في هذه الأنشطة ولا يضر باقتصاد من بذله، فإن حقا على القادر المبادرة إلى ذلك، وكذا لو طلب المدير من أحدهم شراء حاجة مهمة لصالح المدرسة وهو ممن يعرفها ولا ضرر عليه، فإن حق الأخوة والصداقة والرفقة تلبية الطلب، وعدم الاقتصار على إلقاء الدرس داخل الفصل، فذلك وإن كان هو الواجب الأصلي لكن غيره مما يلحق به، وقد عرف أن دوام المدرس كغيره من أول الوقت إلى آخر العمل. فمتى كان متفرغا فلا يحتقر أن يعمل مع غيره عملا في صالح الجميع " انتهى من "الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية" ص ٢١.