للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل تدخل النساء في قوله تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) ؟

[السُّؤَالُ]

ـ[قال تعالى: (ولا تؤتوا السفهاء أمولكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا) النساء/٥. وحسب تفسير ابن كثير فإن " السفهاء " في هذه الآية يقصد بها النساء والأطفال، وأشعر أن الآية تقول إنه يجب على الأزواج ألا يعطوا المال لزوجاتهم لينفقن أو ألا يعطوا دخلهم لزوجاتهم لينفقن منها لأنهن سفيهات وغير حكيمات، فهل هذا الفهم صحيح أم أني أخرجت المعنى عن السياق؟

أرجو أن توضح معنى الآية حيث إني مشغولة بذلك كثيراً.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

ذكر بعض المفسرين في الآية أن " السفهاء" هم النساء، وهذا القول غير صحيح، بل المراد بـ "السفيه" كل من لا يحسن التصرف في المال، ذكراً كان أم أنثى، فيشمل: المجنون، والصبي الصغير، الرجل البالغ - وكذلك المرأة - الذي لا يحسن التصرف في المال، بل يضيعه وينفقه على ما لا ينفعه.

وقد رد بعض المفسرين القول بأن المراد بذلك النساء، واستبعدوه لغة وشرعاً.

أما لغة فقالوا: إنه لا يقال في النساء " سفهاء " بل " سفائه "، و " سفيهات ".

وأما شرعاً فلتواتر النصوص القرآنية والنبوية المبينة لتملك النساء للمال ولتعاملهن بيعاً وشراءً وإجارة، ولا يزال الأزواج يعطون نساءهم نفقة البيت للقيام على شئونه، ولما منع أبو سفيان النفقة عن زوجته واشتكت للنبي صلى الله عليه وسلم قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) رواه البخاري (٢٠٩٧) ومسلم (١٧١٤) .

قال القرطبي:

واختلف العلماء في هؤلاء " السفهاء " من هم فعن سعيد بن جبير قال: هم اليتامى لا تؤتوهم أموالكم، قال النحاس: وهذا من أحسن ما قيل في الآية، وروى إسماعيل بن أبي خالد عن أبي مالك قال: هم الأولاد الصغار لا تعطوهم أموالكم فيفسدوها وتبقوا بلا شيء، وروى سفيان عن حميد الأعرج عن مجاهد قال: هم النساء، قال النحاس وغيره: وهذا القول لا يصح، إنما تقول العرب في النساء " سفائه " أو " سفيهات ". . . وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: السفهاء هنا كل من يستحق الحجر.

"تفسير القرطبي" (٥/٢٨) .

وذكر ابن جرير الطبري رحمه الله أقوال المفسرين في الآية – ومنها القول بأن المراد بذلك النساء – ثم قال:

" والصواب من القول في تأويل ذلك عندنا أن الله جل ثناؤه عم بقوله: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) فلم يخصص سفيها دون سفيه، فغير جائز لأحد أن يؤتي سفيها ماله صبيا صغيرا كان أو رجلا كبيرا، ذكرا كان أو أنثى، والسفيه الذي لا يجوز لوليه أن يؤتيه ماله، هو المستحق الحجر بتضييعه ماله وفساده وإفساده وسوء تدبيره ذلك. . .

وأما قول من قال: عنى بالسفهاء النساء خاصة، فإنه جعل اللغة على غير وجهها " انتهى.

"تفسير الطبري" (٣/٢٤٩) .

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله:

" السفهاء، جمع " سفيه " وهو: من لا يحسن التصرف في المال، إما لعدم عقله، كالمجنون والمعتوه، ونحوهما، وإما لعدم رشده، كالصغير وغير الرشيد، فنهى الله الأولياء أن يُؤتوا هؤلاء أموالهم خشية إفسادها وإتلافها؛ لأن الله جعل الأموال قياماً لعباده في مصالح دينهم ودنياهم، وهؤلاء لا يُحسنون القيام عليها وحفظها " انتهى.

"تفسير السعدي" (ص١٣٠، ١٣١) .

فتبين بذلك أنه لا حرج على الرجل أن يعطي المال لزوجته لتنفق منه على البيت، إذا كانت عاقلة رشيدة بحيث تحسن التصرف في المال.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>