الصلاة خلف من يلحن القراءة ويبتدع بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في مقر عملنا يؤمنا في الصلاة إمام من دولة أخرى، أثناء قراءته يمد كل كلمة تقريباً ويرتل بطريقة تشبه الغناء، يقول بأن أستاذه علَّمه هذا، بعض الأحيان لا نستطيع الصلاة خلفه لأن صوته بالقراءة يرتفع بألحان مختلفة.
هل تجوز القراءة بهذه الطريقة بحيث يكون مرتفعاً جدّاً وبألحان مختلفة؟ ما هو الحكم في تلاوة القرآن في الصلوات الجهرية؟
بعد كل صلاة يضع كفيه على جبينه ويقول يا حي يا قيوم سبع مرات، فسألناه لماذا يفعل هذا فقال بأن العلماء قالوا بأن العقل يستنير بهذا الفعل بعد كل صلاة وأن هذا موجود في صحيح مسلم ولكننا لم نجد هذا.
أرجو أن تجيب على أسئلتنا وتخبرنا بما يجب أن نفعله إن كان ما يفعله غير صحيح وكيف نصححه؟ لا يوافق على أي شيء نقوله ويقول بأنه تعلم هذا حسب تعاليم الإسلام وأن كل ما يفعله صحيح، فلا نستطيع أن نفعل شيء.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
تحسين الصوت بالقراءة أمرٌ جيد وطيب ولا حرج فيه بل هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
فعن البراء رضي الله عنه قال: سمعت النَّبي صلى الله عليه وسلم يقرأ {والتين والزيتون} في العشاء، وما سمعتُ أحداً أحسن صوتاً منه - أو قراءة -.
رواه البخاري (٧٣٥) ومسلم (٤٦٤) .
وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على قراءة أبي موسى الأشعري وهو صاحب الصوت الندي الشجي، لكن هذا التحسين المرغب به للصوت ينبغي أن لا يُخرج الكلام عن موضعه، وينبغي أن لا يشابه بقراءته ألحان الفسقة من المغنين.
عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى " لو رأيتَني وأنا أستمع لقراءتك البارحة لقد أوتيتَ مزماراً من مزامير آل داود ".
رواه البخاري (٤٧٦١) ومسلم – واللفظ له - (٧٩٣) .
قال النووي:
قال القاضي: أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقراءة وترتيلها، قال أبو عبيد: والأحاديث الواردة في ذلك محمولة على التحزين والتشويق، قال: واختلفوا في القراءة بالألحان فكرهها مالك والجمهور لخروجها عما جاء القرآن له من الخشوع والتفهم، وأباحهما أبو حنيفة وجماعة من السلف للأحاديث؛ ولأن ذلك سبب للرقة وإثارة الخشية وإقبال النفوس على استماعه.
قلت: قال الشافعي في موضع: أكره القراءة بالألحان، وقال في موضع: لا أكرهها، قال أصحابنا: ليس له فيها خلاف، وإنما هو اختلاف حالين، فحيث كرهها أراد إذا مطط وأخرج الكلام عن موضعه بزيادة أو نقص أو مد غير ممدود وإدغام ما لا يجوز ونحو ذلك، وحيث أباحها أراد إذا لم يكن فيها تغير لموضوع الكلام، والله أعلم.
" شرح مسلم " (٦ / ٨٠) .
ثانياً:
أما فعل إمامكم بعد الصلاة من " وضع كفيه على جبينه ويقول: يا حي يا قيوم سبع مرات ": فهذا ليس له أصل من الشرع وليس هو في " صحيح مسلم " ولا في غيره من كتب السنَّة الصحيحة، وهي بدعة منكرة عليكم مناصحته بتركها وتبيين حكم الشرع في الذِّكر البدعي.
أما الصلاة خلف هذا الإمام: فجائزة، لكن من الأفضل أن تبحثوا لكم عن إمامٍ يقيم السنَّة ويعلمكم إياها؛ لأنه يُخشى أن يغترَّ به بعض المصلِّين فيقلده وينشر بدعته، وقبل هذا لا تتركوا نصيحته وإرشاده للسنَّة الصحيحة في الذِّكر خاصَّة وفي العبادة عامة، فإن أصرَّ على بدعته فلا مانع من العمل على منعه من إمامة الصلاة.
وقد قال علماء اللجنة الدائمة:
وأما الصلاة خلف المبتدعة: فإن كانت بدعتهم شركية كدعائهم غير الله ونذرهم لغير الله واعتقادهم في مشايخهم ما لا يكون إلا لله من كمال العلم أو العلم بالمغيبات أو التأثير في الكونيات: فلا تصح الصلاة خلفهم، وإن كانت بدعتهم غير شركية؛ كالذكر بما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن مع الاجتماع والترنحات: فالصلاة وراءهم صحيحة، إلا أنه ينبغي للمسلم أن يتحرى لصلاته إماماً غير مبتدع؛ ليكون ذلك أعظم لأجره وأبعد عن المنكر.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (٧ / ٣٥٣) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب