للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والدهم من أهل الدعوة ويشتكون من سوء معاملته للأسرة

[السُّؤَالُ]

ـ[أحتاج إلى مساعدتك، والدي يخرج مع الجماعة للدعوة، وهو يقضي الكثير من الوقت في المركز والمسجد، لكن عندما يكون في البيت فإنه لا يقوم إلا بإثارة الخلافات مع عائلته، وخصوصا مع أمي، فهو يعاملها وكأنها أقل شيءٍ موجود على سطح الأرض، ولا يسمع منها قط، حتى أنه أجبرها على قطع اتصالاتها مع أقاربها، وهي تتأذى من ذلك وتبكي كثيراً. والدي يرى أنه أفضل من عائلتها.. الخ، وهو لا يسمع من أي واحدٍ منَّا أبداً، وهو يقول بأن ما يقوله هو الصحيح، وأن الإسلام يتفق معه، وهذا ليس صحيحاً؛ لأن الإسلام لا يمكن أن يتفق مع أي أحدٍ، بل نحن الذين يجب علينا أن نتفق مع الإسلام، كما أن الإسلام لا يعلم الشخص ألا يسمع من زوجته، وأن يتشاجر، وألا يعامل زوجته معاملة حسنة، نحن لا نعرف كيف نتصرف، ويظهر وكأنه يرهبنا، إنه لا يتحدث إلى أي واحدٍ منَّا بطريقةٍ عاديَّةٍ، بل إن كلامه معنا يكون بصورة الأمر: " أحضر لي هذا الشيء أو ذلك وإلا "، لا يتفوه إلا بالانتقادات، مثل: " لماذا تمسك بالقلم هكذا؟ "، وأشياء أكثر غرابة، لكن أغلب ما يقوم به هو إيذاؤه لوالدتي بتصرفاته تلك، وهي مريضة أصلاً، أنا أشعر باليأس وكذلك حال جميع أفراد عائلتي، فنحن لا نعرف كيف نفعل، أرجو أن تساعدنا.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

يجب على المسلم أن يتحلى بالأخلاق الحميدة الحسنة، وعليه تجنب أسباب الغضب، وقول التي هي أحسن قال الله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً} الإسراء / ٥٣.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء " – رواه الترمذي (١٩٧٧) من حديث عبد الله بن مسعود، وصححه ابن حبان (١ / ٤٢١) والحاكم (١ / ٥٧) والألباني في " صحيح الجامع " (٥٣٨١) -. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يبغض الفاحش البذيء " رواه الترمذي (٢٠٠٢) وصححه.

قال الصنعاني:

والحديث إخبار بأنه ليس من صفات المؤمن الكامل الإيمان السب واللعن، إلا أنه يستثنى من ذلك لعن الكافر وشارب الخمر ومن لعنه الله ورسوله.

" سبل السلام " (٤ / ١٩٨) .

فينبغي على المؤمن أن يتحلَّى بأخلاق القرآن، وأن يتحلى بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وخاصة مع أهله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خيركم خيركم لأهله ".

قال الشوكاني رحمه الله تعالى:

في ذلك تنبيه على أعلى الناس رتبة في الخير وأحقهم بالاتصاف به هو من كان خير الناس لأهله فإن الأهل هم الأحقاء بالبِشر وحسن الخلق والإحسان وجلب النفع ودفع الضر، فإذا كان الرجل كذلك فهو خير الناس، وإن كان على العكس من ذلك فهو في الجانب الآخر من الشر، وكثيراً ما يقع الناس في هذه الورطة فترى الرجل إذا لقي أهله كان أسوأ الناس أخلاقاً وأشحهم نفساً وأقلهم خيراً، وإذا لقي غير الأهل من الأجانب لانت عريكته وانبسطت أخلاقه وجادت نفسه وكثر خيره، ولا شك أن من كان كذلك فهو محروم التوفيق زائغ عن سواء الطريق، نسأل الله السلامة.

" نيل الأوطار " (٦ / ٣٦٠) بتصرف قليل.

والمعروف من حال هذه الجماعة التي يخرج معها الوالد أنها تتصف بالأخلاق الحسنة وتدعو إلى ذلك، فالأصل أن يكون هو كذلك، وأن يتقي الله عزوجل، ونقول لكم – إن صح قولكم عن والدكم -: إن هذا من الابتلاء، وعليكم بالصبر والدعاء له بأن يهديه الله تعالى لأحسن الأخلاق.

والصبر لا شك أن فيه أجراً عظيماً، فعلى الزوجة أن تصبر على أذى زوجها وتطيعه بما أحل الله، وإذا منعها من زيارة أقربائها فإن كان لسببٍ شرعي: فله ذلك، وإذا كان بدون سبب شرعي: فعليها الطاعة وعليه الإثم، والزوجة تكون مأجورة بإذن الله تعالى.

وهناك نصائح في جواب السؤال (٤٨٢) ننصحك بالرجوع إليه، وننصح الزوج والزوجة مراجعة جواب السؤال رقم (١٠٦٨٠) ففيه بيان حقوق كل واحد من الزوجين على الآخر.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>