للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصدقة في حال الحياة أفضل

[السُّؤَالُ]

ـ[هل الأفضل للإنسان أن يتصدق بالمال في حياته أو يكتبها في وصيته تصرف بعد وفاته؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

فضل الصدقة في حال الصحة:

عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا قَالَ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى وَلا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلانٍ كَذَا وَلِفُلانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلانٍ" البخاري (١٣٣٠) مسلم (١٧١٣)

قال النووي رحمه الله: " قَالَ الخطابي: فَمَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ الشُّحّ غَالِب فِي حَال الصِّحَّة , فَإِذَا شَحّ فِيهَا وَتَصَدَّقَ كَانَ أَصْدَقَ فِي نِيَّته وَأَعْظَم لأَجْرِهِ , بِخِلَافِ مَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْت وَآيَسَ مِنْ الْحَيَاة وَرَأَى مَصِير الْمَال لِغَيْرِهِ فَإِنَّ صَدَقَته حِينَئِذٍ نَاقِصَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَالَة الصِّحَّة , وَالشُّحّ رَجَاء الْبَقَاء وَخَوْف الْفَقْر.. فَلَيْسَ لَهُ فِي وَصِيَّته كَبِير ثَوَاب بِالنِّسْبَةِ إِلَى صَدَقَة الصَّحِيح الشَّحِيح.

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وَفِي الْحَدِيث أَنَّ تَنْجِيز وَفَاء الدَّيْن وَالتَّصَدُّق فِي الْحَيَاة وَفِي الصِّحَّة أَفْضَل مِنْهُ بَعْد الْمَوْت وَفِي الْمَرَض , وَأَشَارَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: " وَأَنْتَ صَحِيح حَرِيص تَأْمُل الْغِنَى الخ " لأَنَّهُ فِي حَال الصِّحَّة يَصْعُب عَلَيْهِ إِخْرَاج الْمَال غَالِبًا لِمَا يُخَوِّفهُ بِهِ الشَّيْطَان وَيُزَيِّن لَهُ مِنْ إِمْكَان طُول الْعُمْر وَالْحَاجَة إِلَى الْمَال كَمَا قَالَ تَعَالَى (الشَّيْطَان يَعِدكُمْ الْفَقْر) الآيَة.

وَأَيْضًا فَإِنَّ الشَّيْطَان رُبَّمَا زَيَّنَ لَهُ الْحَيْف فِي الْوَصِيَّة أَوْ الرُّجُوع عَنْ الْوَصِيَّة فَيَتَمَحَّض تَفْضِيل الدِّقَّة النَّاجِزَة.

قَالَ بَعْض السَّلَف عَنْ بَعْض أَهْل التَّرَف: يَعْصُونَ اللَّه فِي أَمْوَالهمْ مَرَّتَيْنِ: يَبْخَلُونَ بِهَا وَهِيَ فِي أَيْدِيهمْ يَعْنِي فِي الْحَيَاة , وَيُسْرِفُونَ فِيهَا إِذَا خَرَجَتْ عَنْ أَيْدِيهمْ , يَعْنِي بَعْد الْمَوْت. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَن وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء مَرْفُوعًا قَالَ: " مَثَل الَّذِي يُعْتِق وَيَتَصَدَّق عِنْد مَوْته مِثْل الَّذِي يُهْدِي إِذَا شَبِعَ " , وَهُوَ يَرْجِع إِلَى مَعْنَى حَدِيث الْبَاب.

وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا " لأَنْ يَتَصَدَّق الرَّجُل فِي حَيَاته وَصِحَّته بِدِرْهَمٍ خَيْر لَهُ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّق عِنْد مَوْته بِمِائَةٍ " إ. هـ.

[الْمَصْدَرُ]

الشيخ محمد صالح المنجد

<<  <  ج: ص:  >  >>