يريد الزواج ووالده رافض
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي مع والدي فنحن سبعة إخوة وأنا الخامس بينهم، وقد طلبت من والدي أن يزوجني، فأجاب أن أنتظر ٤ سنوات، وأنا في طريقي لإنهاء تدريبي إن شاء الله (وسأنتهي من برنامج التدريب) بعد عام من الآن، والبلد الذي أسكنه مليء بالفتن، والله المستعان، وعليه: فأنا أريد أن أعرف ما إذا كان والدي ستلحقه ذنوب لأنه لم يتركني أتزوج، وللمعلومية فكل إخوتي عزاب كذلك، أنا لا أستطيع أن أتحدث معه مرة أخرى في هذا الخصوص لأني عندما أكلمه، فإنه يغضب ثم لا أتمكن من التفوه بأي كلمة وأنا في ذلك الوضع، وأنا لا أريد حقّاً أن أقع في أية معصية – والله - فأنا أريد أن أفعل كل شيء بالطريق الصحيح، لكنه لا يسمح لي بفعل ذلك، أرجوك.. أرجوك.. أرجوك.. أريد منك النصيحة، فأنا – والله - أخاف أن أقع في الأمور المحرمة، فأنا لا أستطيع منع نفسي أكثر من ذلك، والله المستعان.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا حظنا في سؤالك أخي الفاضل أنك بارٌّ بأبيك، وهذا أمرٌ تشكر عليه، ونحثك على الاستمرار فيه، وقد أوجب الله ذلك عليك، والنصوص في ذلك أشهر من أن تذكر.
ثانياً:
ولا حظنا في سؤالك – أيضاً – مدى حرقتك على نفسك أن لا تقع في الموبقات المهلكات، وهذا يدل – إن شاء الله – على دينٍ متين عندك، فدِينك هو رأس مالك فإياك أن تفرط فيه فتخسر الدنيا والآخرة، وابق على خوفك هذا من أن تقع في الفاحشة فيحل عليك سخط الله، وتذكر مراقبة ربك لك في الليل والنهار، واعلم أنه يعلم السر وأخفى، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويكفيك أن تتصور لو قبض الله روحك وأنت – حاشاك من ذلك – في حال مقارفتك للمعصية، فكيف ستلقى الله تعالى؟
ثالثاً:
ونوصيك بتقوى الله، فهي الحاجز المنيع بينك وبين الفواحش، ونوصيك بغض البصر عن كل ما حرَّم الله، وليس لك إلا النظرة الأولى التي تقع من غير قصدٍ، ونوصيك بعدم الاستماع لما حرَّم الله مما قد يثير الشهوة الكامنة، وبالبعد عن أصحاب السوء، وأصدقاء الفحش الذين لا يريدون لك إلا النار في الآخرة، والعار في الدنيا.
وهذه بعض أسباب الوقوع في الفاحشة، فبمقدار بعدك عنها يكون بُعدك عن الفاحشة.
وبعد ذلك نوصيك بالطاعات، وخاصة الصيام فهو العلاج الذي أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم في مثل أحوالك هذه.
عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ". رواه البخاري (٤٧٧٨) ومسلم (١٤٠٠) .
معنى الباءة: تكاليف الزواج.
ومعنى وِجاء: وقاية.
ونوصيك بقراءة القرآن والإكثار من الدعاء أن يجنبك الله الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونوصيك بالصحبة الصالحة التي تدلك على الخير، وتحثك عليه، وكذا نوصيك بالتمارين الرياضية، والنوم مبكِّراً.
وهذه بعض الأسباب التي يُرجى أن تكون سبباً لابتعادك عن كل ما لا يُرضي ربك تعالى.
وإليك هذه الفائدة النفيسة:
قال ابن مفلح - نقلاً عن ابن عقيل في " الفنون " -: وتسمع قوله {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} وأنت تُحَدِّقُ إلى المحظورات تحديقَ متوسل أو متأسف كيف لا سبيلَ لكَ إليها، وتسمع قوله تعالى {وجوه يومئذِ ناضرة} تهشُّ لها كأنها فيكَ نزلت، وتسمع بعدها {ووجوه يومئذِ باسرة} فتطمئن أنها لغيرك ! ومِن أين ثبت هذا الأمر؟ ومِن أين جاءَ الطمعُ؟ اللهَ اللهَ، هذه خدعةٌ تحول بينك وبين التقوى. أ. هـ.
" الآداب الشرعية " (١ / ١٥١، ١٥٢) .
رابعاً:
وأما فعل والدك من منعك من الزواج وتأخيره عليك: فهو خطأ منه، وينبغي عليه أن يتقي الله في أبنائه، وأن يسارع في تزويجهم، وأن يعلم أن حاجة بعض أبنائه وبناته للزواج قد تكون أكثر وأعظم من حاجتهم للطعام والشراب.
وهذه فتوى الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في مثل حال والدك:
قال – رحمه الله -:
" الواجب على أبيك ما دام الله قد أغناه أن ينفق عليك طعاماً وشراباً وكسوة وسكنى، ويجب عليه أيضاً أن يزوجك إذا كنت محتاجاً إلى الزواج، كما قال ذلك أهل العلم،.......
وبهذه المناسبة أود أن أنبه على أمر مهم، وهو أن بعض الآباء وهم أغنياء يطلب منهم أبناؤهم الزواج فيرفضون، قائلين للولد: اسع في الكسب للصرف على نفسك وتزوج فأنت رجل، وما أشبه ذلك، وقد نص أهل العلم أن من وجبت عليه نفقة شخص وجب عليه إعفافه وتزويجه، فليتق الله هؤلاء الآباء، وليقوموا بما أوجب الله عليهم من إعفاف أبنائهم والله الموفق ".
من كتاب " فتاوى منار الإسلام " ج/ ٣ ص/٦١٩
وأخيراً: نسأل الله لنا ولك الثبات والعفة والمعونة إنه سبحانه نعم المولى ونعم النصير.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب