اكتشف زوجها علاقة لها سابقة مع عشيق صورها وهي عارية، فماذا يصنعون؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أكملت الدراسة الجامعية، عندما كنت في الدراسة: كان معنا شاب بالفصل، تقرَّب إليَّ إلى أن جعلني أحبه في السنة الأخيرة من الدراسة، وكان يريد الزواج، وفعلاً تقدم لخطبتي، لكن أهلي رفضوا، وحاول عدة مرات، ولكن دون جدوى، فازداد تمسكي به، وكنا نتكلم بالهاتف ساعات، وبدأنا نمارس الجنس بالهاتف! وبعدها اتفقنا على لقاء في بيتنا، بعد خروج الأهل إلى الدوام، ونحن نتغيب، ونبقى وحدنا بالبيت، فمكَّنته من نفسي، لكن من الخلف! وصوَّرني وأنا عارية بموافقتي! لكي يحتفظ بها للذكرى؛ لأنه لم يقطع الأمل مني، كنت غائبة عن وعيي، وبعد فترة سافر، وتقدم رجل متدين، وطيب، فقبلتُ به؛ لأني ندمت على ما فعلت، فتزوجت منه، ولكن الفاجعة هو أني لم أكن بكراً، ففي البداية قلنا - أنا وزوجي - يمكن الغشاء مطاطي، والغشاء ليس دليل للعذرية، فتقبل الأمر زوجي، ولكن اتضح أنه يبحث، وأخذ إيميلي، وفتحه، كنت نسيت مسح الرسائل المرسلة مني للعاشق، فعرف أن لي علاقة غير شرعية، فجنَّ جنونه، فقرر أن يطلقني، ولكن لأنه متدين قرر ذلك بعد كم شهر؛ لكي يسترني، ولكن هو يحبني، واعترفت له بكل شيء، وأخبرته أنه لم يأتني من الأمام، وأني تبت، فبقيت معه، وأصبح لنا طفل، والآن يريد أن يطلقني، وهو حائر؛ لأن أهله يحبونني، وهو يحبني، ولكنه يخاف من عشيقي الأول، لربما يفضحني بالتصوير الذي عنده، بالرغم أن عشيقي الأول يحبني، وهو متفهم لوضعي، ويتصور أن أهلي أجبروني. وبارك لي، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المأساة متكررة، ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة؛ لأن هؤلاء لم يلتفتوا لشرع الله تعالى فيعظموه، ولم يأبهوا بالنواهي فيتركوها، فأبوا إلا أن يكونوا ألعوبة بيد إبليس يحركها كيف يشاء.
هذه السائلة وقعت في معاصٍ متعددة، أولها: دخول الجامعة المختلطة، ولطالما حذر العلماء الربانيون من هذه الفتنة، وبينوا ما فيها من مفاسد، وما تسببه من آثام، وقليل من يستجيب لهذا الحكم، وكثير لم يخرج منها إلا بمرض قلب، أو موت حياء، أو فاحشة يحمل همها إلى قبره، أو تلويث عرض له، ولأهله، لا يزول مع تعاقب الليل والنهار.
وثاني هذه المعاصي: العلاقة المحرمة مع ذلك الذئب البشري، ثم الخلوة المحرمة في بيتها، ونعجب كيف تصل الأمور بفتاة أن يكون عرضها أهون شيء عندها، فتكون هي الداعية لذلك الذئب ليفترسها في بيتها، فتخون دينها، وأهلها الذين ائتمنوها.
وثالث هذه المعاصي: اللواط، وهو كبيرة من كبائر الذنوب.
ورابعها: التصوير، وليت الأمر اقتصر على صورة لوجهها، بل رضيت أن تظهر عارية بالكامل! فإنا لله وإنا إليه راجعون!
وهذه الآثام والمعاصي ليست بالهينة، وأضرارها متعدية، وآلامها مبرحة، ولذا لا نعجب أن يعاقب الله تعالى هذه الفتاة؛ لتعديها على شرع الله تعالى، وإن تابت وصدقت في توبتها فإنما يكون ذلك من الابتلاء، فلعل غيرها ممن يقرأ قصتها هنا أن يرعوي، وأن يكف عن معصية ربه تعالى، وأن يجعل بينه وبين نار جهنم وقاية يقي نفسه بها، ذكوراً وإناثاً.
ونصيحتنا لهذه السائلة:
١. الاستمرار بالتوبة الصادقة، والإكثار من الأعمال الصالحة.
٢. مداومة الإحسان لزوجها، والعشرة له بالمعروف.
٣. دعاء الله بصدق وإخلاص أن يكشف عنها الغمة، وأن يهديها لما يحب ويرضى.
ونصيحتنا للزوج:
١. أن يقبل توبة زوجته، فالمعصية قديمة، والتوبة تجب ما قبلها، وما من أحد إلا وله ذنب يحب أن يُستر، ويُغفر، فليكن منه قبول لتوبتها، يستر ذنبها، ويتجاوز عنه، كما يحب أن يستر الله ذنبه، ويتجاوز عنه، وهي ليست خائنة له، ولو أنها فعلت ما فعلت أثناء الحياة الزوجية لحقَّ له أن يتشدد في أمرها، أما وقد كان ذلك أيام مراهقتها، ورضي هو بالتزوج من فتاة جامعية وهو يعلم حال الجامعات المختلطة، وأصبحت الآن تائبة، وصارت أم طفل له: فالمرجو أن يكون ذلك كله شافعاً عنده ليبقيها في ذمته، وينسى ما كان منها، ويكفيها حسرة ذنبها، وألم معصيتها، فلا يزيد عليها عذاب الطلاق والفراق.
٢. أن يقدِّر المفاسد والمصالح في ذلك الطلاق والفراق، فهو سيخسر تائبة من ذنبها، وسيفرق بينه وبين ابنه، وهو يحبها، وأهله يحبونها، ففي اعتقادنا أن المفاسد كثيرة، وسيبقى متندماً على ذلك الطلاق لو حصل منه، ولا يدري الإنسان فقد يبتلى ويُمتحن بمثل ما يعامل الناس، فليحذر.
٣. وهمسة في أذن الزوج: لم يكن لك التجسس على بريد زوجتك، ولا تقليب صفحات رسائلها، وكونك زوجاً لها لا يبيح لك ذلك، فهي خصوصيات لها، وليس لها تعلق بحياتك الزوجية، وليس من هدي الإسلام تتبع الناس في خصوصياتهم، وفضحهم، ومن هدي الإسلام الستر على أصحاب الذنوب المخفية، وعدم فضحهم والتشهير بهم، ولو أنك لم تعص الله في هذا، ما كنت علمتَ الذي علمتَ مما لا يؤثر على حياتك الزوجية.
ونرجو الله أن يكون ذلك الخبيث قد أتلف تلك الصور المشينة، وأن يهديه، ويصلح باله، ونرجو إن استمر الجمع بينكما أن لا تفكرا في موضوع الصور، ودعوا ذلك لرب العالَمين، فهو يتولى التائبين، والصالحين، وهو يكفيكم شرَّ تلك المعصية والمصيبة.
وهذه رسالة للآباء والأمهات:
اتقوا الله في أنفسكم، واتقوا الله في أولادكم، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم/ ٦، فهلَاّ استجبتم لربكم عز وجل، وتركتم ما أنتم عليه من غفلة عما يجري مع أولادكم، وتركتم حثهم على الدراسة أو العمل في أماكن الفتنة، والفساد، وهلَاّ أخلصتم له النصيحة، وأحسنتم لهم التربية؟! إن تقصيراً منكم في جانب من جوانب التربية سيجعلكم تعيشون في ندم، وهم، وغم، طيلة عمركم، وإن تفريطاً منكم في تربية أولادكم سيجعلكم تعيشون خزياً، وعاراً، لا ينمحي مع الأيام والليالي.
إن القصص المؤلمة كثيرة، وإن كلامنا نابع من حبنا للناس أن يطهروا أنفسهم، وأولادهم، وقد سمعنا، وقرأنا ما تشيب له رؤوس الولدان، فنرجو أن تكون مثل هذه القصص موعظة لنا لننتبه لأولادنا، واللَّهُ (خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) يوسف/ من الآية٦٤.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب