للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[إنهم يهددونني]

أريد أن أتوب ولكن أصدقائي القدامى يهددونني بإعلان فضائحي بين الناس، ونشر أسراري على الملأ، إن عندهم صوراً ووثائق، وأنا أخشى على سمعتي، إني خائف!!

ونقول: جاهد أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً، فهذه ضغوط أعوان إبليس تجتمع عليك كلها، ثم لا تلبث أن تتفرق وتتهاوى أمام صبر المؤمن وثباته.

واعلم أنك إن سايرتهم ورضخت لهم فسيأخذون عليك مزيداً من الإثباتات، فأنت الخاسر أولاً وأخيراً، لكن لا تطعهم واستعن بالله عليهم، وقل حسبي الله ونعم الوكيل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خاف قوماً قال: (اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم) رواه أحمد وأبو داود، صحيح الجامع ٤٥٨٢.

صحيح أن الموقف صعب وأن تلك المسكينة التائبة التي اتصل بها قرين السوء يقول مهدداً: لقد سجلت مكالمتك ولديّ صورتك ولو رفضت الخروج معي لأفضحنك عند أهلك!! صحيح أنها في موقف لا تحسد عليه.

وانظر إلى حرب أولياء الشياطين لمن تاب من المغنين والمغنيات والممثلين والممثلات فإنهم يطرحون أسوأ إنتاجهم السابق في الأسواق للضغط والحرب النفسية، ولكن الله مع المتقين، ومع التائبين، وهو ولي المؤمنين، لا يخذلهم ولا يتخلى عنهم، وما لجأ عبد إليه فخاب أبداً، واعلم أن مع العسر يسراً، وأن بعد الضيق فرجاً.

وإليك أيها الأخ التائب هذه القصة المؤثرة شاهداً واضحاً على ما نقول.

إنها قصة الصحابي الجليل مرثد بن أبي مرثد الغنويّ الفدائي الذي كان يهرب المستضعفين من المسلمين من مكة إلى المدينة سراً. " كان رجل يقال له: مرثد بن أبي مرثد، وكان رجلاً يحمل الأسرى من مكة، حتى يأتي بهم المدينة، قال: وكانت امرأة بمكة بغي يقال لها عناق وكانت صديقة له، وأنه كان وعد رجلاً من أسارى مكة يحتمله، قال: فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة، قال: فجاءت عناق فأبصرت سواد ظلي بجانب الحائط، فلما انتهت إليّ عرفت، فقالت: مرثد؟ فقلت: مرثد، قالت: مرحباً وأهلاً، هلم فبت عندنا الليلة، قلت: يا عناق حرم الله الزنا، قالت: يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم قال فتبعني ثمانية، وسلكت الخندمة (وهو جبل معروف عند أحد مداخل مكة) فانتهيت إلى غار أو كهف، فدخلت فجاءوا حتى قاموا على رأسي وعماهم الله عني قال: ثم رجعوا، ورجعت إلى صاحبي فحملته، وكان رجلاً ثقيلاً، حتى انتهيت إلى الأذخر ففككت عنه أكبله (أي قيوده) فجعلت أحمله ويُعييني (أي يرهقني) حتى قدمت المدينة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أنكح عناقاً؟ مرتين، فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرد عليّ شيئاً، حتى نزلت {الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} النور /٣ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا مرثد الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك فلا تنكحها) صحيح سنن الترمذي ٣/٨٠.

هل رأيت كيف يدافع الله عن الذين آمنوا وكيف يكون مع المحسنين؟.

وعلى أسوأ الحالات لو حصل ما تخشاه أو انكشفت بعض الأشياء واحتاج الأمر إلى بيان فوضح موقفك للآخرين وصارحهم، وقل نعم كنت مذنباً فتبت إلى الله فماذا تريدون؟

ولنتذكر جميعاً أن الفضيحة الحقيقة هي التي تكون بين يدي الله يوم القيامة، يوم الخزي الأكبر، ليست أمام مائة أو مائتين ولا ألف أو ألفين، ولكنها على رؤوس الأشهاد، أما الخلق كلهم من الملائكة والجن والإنس، من آدم وحتى آخر رجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>