ونقتطف فيما يلي فوائد مهمة من شرح الحافظ بن حجر العسقلاني رحمه الله لأحاديث البخاري باختصار وتصرّف مع عناوين يسيرة:
الخسوف والكسوف تخويف من الله لعباده وتذكير لهم بيوم القيامة الذي يخسف فيه القمر وتكوّر فيه الشمس والقمر
قوله:(آيتان) أي علامتان (من آيات الله) أي الدالة على وحدانية الله وعظيم قدرته أو على تخويف العباد من بأس الله وسطوته , ويؤيده قوله تعالى (وما نرسل بالآيات إلا تخويفا)
قوله " يخوف الله بهما عباده ".. قد وقع في حديث النعمان بن بشير وغيره للكسوف سبب آخر غير ما يزعمه أهل الهيئة وهو ما أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه وصححه ابن خزيمة والحاكم بلفظ " إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله , وأن الله إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له "
والحديث.. قد أثبته غير واحد من أهل العلم , وهو ثابت من حيث المعنى أيضا , لأن النورية والإضاءة من عالم الجمال الحسي , فإذا تجلت صفة الجلال انطمست الأنوار لهيبته. ويؤيده قوله تعالى (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا) اهـ. ويؤيد هذا الحديث ما رويناه عن طاووس أنه نظر إلى الشمس وقد انكسفت فبكى حتى كاد أن يموت وقال: هي أخوف لله منا. وقال ابن دقيق العيد: ربما يعتقد بعضهم أن الذي يذكره أهل الحساب ينافي قوله " يخوف الله بهما عباده " وليس بشيء.. لأن الله أفعالا على حسب العادة , وأفعالا خارجة عن ذلك , وقدرته حاكمة على كل سبب , فله أن يقتطع ما يشاء من الأسباب والمسببات بعضها عن بعض. وإذا ثبت ذلك فالعلماء بالله لقوة اعتقادهم في عموم قدرته على خرق العادة وأنه يفعل ما يشاء إذا وقع شيء غريب حدث عندهم الخوف لقوة ذلك الاعتقاد , وذلك لا يمنع أن يكون هناك أسباب تجري عليها العادة إلى أن يشاء الله خرقها. وحاصله أن الذي يذكره أهل الحساب حقا في نفس الأمر لا ينافي كون ذلك مخوّفا لعباد الله تعالى.