ـ[امرأة توفيت ولديها ٤ بنات , وأختان, وأخ لديه ٦أبناء و٦ بنات , وتركت بيتا ولكن هذا البيت قد جعلته وقفا خيريا (في سبيل الله) وذلك قبل وفاتها , فهل للورثة حق في التصرف في هذا البيت واعتباره إرثاً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت المتوفاة قد جعلت بيتها وقفا خيريا، في حال صحتها، فليس للورثة حق فيه، لأنه صار وقفا، لا يباع ولا يوهب ولا يورث، كما روى البخاري (٢٧٣٧) ومسلم (١٦٣٣) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا. قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ، وَفِي الْقُرْبَى، وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَيُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ) .
وأما إن كانت وقفت هذا البيت في مرض موتها، فإنه يأخذ حكم الوصية، والوصية لا تنفذ إلا في ثلث التركة، وما زاد على الثلث فإنه يتوقف على إجازة الورثة.
فإن كان البيت لا يزيد عن ثلث مالها، فجميعه وقف. وإن كان أكثر من الثلث، فإن الوصية تمضي فيما يعادل ثلث التركة، ويتوقف الباقي على موافقة الورثة، فإن لم يوافقوا فإنهم يقتسمونه ميراثاً.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني"(٥/٣٦٥) : " الوقف في مرض الموت , بمنزلة الوصية , في اعتباره من ثلث المال ; لأنه تبرع , فاعتبر في مرض الموت من الثلث , كالعتق والهبة وإذا خرج من الثلث , جاز من غير رضا الورثة ولزم , وما زاد على الثلث , لزم الوقف منه في قدر الثلث , ووقف الزائد على إجازة الورثة، لا نعلم في هذا خلافا عند القائلين بلزوم الوقف ; وذلك لأن حق الورثة تعلق بالمال بوجود المرض , فمنع التبرع بزيادة على الثلث" انتهى.