للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل له أن ينتفع بالتأمين الصحي الذي أجراه والده؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا شاب أعيش مع والدي وأنا تحت نفقتهم (طالب) . أبي مأمني (تأمين) صحيا فهل أنا آثم؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

التأمين التجاري محرم بجميع صوره، وذلك لما يشتمل عليه من الربا والميسر، وكلاهما حرام بنص الكتاب والسنة والإجماع، وقد بيَّنا حرمة الاشتراك الاختياري في هذا التأمين في أجوبة سابقة، وينظر جواب السؤال رقم (٨٨٨٩) ، ورقم (٣٩٤٧٤) .

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم الشرع في التأمين على الصحة، وذلك بأن يدفع المؤمن عليه مبلغاً شهريّاً، أو سنويّاً إلى شركة التأمين، مقابل أن تقوم الشركة بعلاج المؤمَّن عليه إذا دعت الحاجة إلى ذلك على حسابها، علماً بأنه إذا لم يكن هنالك حاجة لعلاج المؤمن عليه: فإنه لا يسترد ما دفعه من تأمين.

فأجابوا:

"إذا كان واقع التأمين الصحي كما ذكرت: لم يجز؛ لما فيه من الغرر، والمخاطرة، إذ قد يمرض المؤمِّن على صحته كثيراً، ويعالَج بأكثر مما دفع للشركة، ولا تلزمه الزيادة، وربما لا يمرض مدة شهر أو شهرين – مثلاً -، ولا يرد إليه مما دفعه للشركة، وكل ما كان كذلك: فهو نوع من المقامرة" انتهى.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٥/٢٩٦) .

ثانيا:

إذا كان التأمين في بلدك إجباريا، فلا إثم على والدك، والإثم على من وضع التأمين وألزم به.

ثالثا:

إذا كان التأمين اختياريا، فالواجب عليك نصح والدك وتذكيره بحرمة هذا التأمين، فإن استجاب فالحمد لله، وإن أصر، فلا حرج عليك في الاستفادة من التأمين، لأن المحرم لكسبه حرام على كاسبه فقط، وأنت إنما تأخذه من والدك بوجه مباح.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: أبي غفر الله له يعمل في بنك ربوي، فما حكم أخذنا من ماله وأكلنا وشربنا من ماله؟ غير أن لنا دخلاً آخر وهو من طريق أختي الكبيرة فهي تعمل، فهل نترك نفقة أبي ونأخذ نفقتنا من أختي الكبيرة مع أننا عائلة كبيرة، أم أنه ليس على أختي النفقة علينا فنأخذ النفقة من أبي؟

فأجاب: "أقول: خذوا النفقة من أبيكم، لكم الهناء وعليه العناء؛ لأنكم تأخذون المال من أبيكم بحق؛ إذ هو عنده مال وليس عندكم مال، فأنتم تأخذونه بحق، وإن كان عناؤه وغرمه وإثمه على أبيكم فلا يهمكم، فها هو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل الهدية من اليهود، وأكل طعام اليهود، واشترى من اليهود، مع أن اليهود معروفون بالربا وأكل السحت، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام يأكل بطريق مباح، فإذا ملك بطريق مباح فلا بأس. انظر مثلاً بريرة مولاة عائشة رضي الله عنهما، تُصُدِّق بلحم عليها، فدخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوماً إلى بيته ووجد البُرمة -القدر- على النار، فدعا بطعام ولم يؤت بلحم، أتي بطعام ولكن ما فيه لحم، فقال: ألم أر البرمة على النار؟ قالوا: بلى يا رسول الله، ولكنه لحم تُصدق به على بريرة. والرسول عليه الصلاة والسلام لا يأكل الصدقة، فقال: (هو لها صدقة ولنا هدية) فأكله الرسول عليه الصلاة والسلام مع أنه يحرم عليه هو أن يأكل الصدقة؛ لأنه لم يقبضه على أنه صدقة بل قبضه على أنه هدية. فهؤلاء الإخوة نقول: كلوا من مال أبيكم هنيئاً مريئاً، وهو على أبيكم إثم ووبال، إلا أن يهديه الله عز وجل ويتوب، فمن تاب تاب الله عليه " انتهى من "اللقاء الشهري" (٤٥/١٦) .

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (١٠٣٩١٩) ، و (١٠٣٥٩٦) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>