هل تركيب الأسنان الصناعية يعتبر تغييراً لخلق الله؟
[السُّؤَالُ]
ـ[طبيب الأسنان يضع لنا أضراساً صناعيّةً مكان الأضراس التي تم نزعها بسبب مرضها وكونها لم تعد صالحة، يقول الطبيب: إنه إذا لم تملأ الفراغات ستتضرر الأسنان الأخرى، علماً أن هذه الأضراس الاصطناعية هي (إما مرتبة أو غير مرتبة) أي: يمكن نزعها وإرجاعها، هل هذا العمل حلال أم حرام داخل في تغيير خلق الله؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تركيب أسنان صناعية مكان الأسنان المنزوعة لمرض أو تلف أمرٌ مباح لا حرج في فعله، ولا نعلم أحداً من أهل العلم يمنعه، ولا فرق بين أن تثبت الأسنان في الفم أو لا تثبت، ويفعل المريض الأصلح له بمشورة طبيب مختص.
وتغيير خلق الله تعالى هو عدم الرضا بخلقة الله تعالى من حيث طول الأسنان أو شكلها أو المسافات بينها، ولذا لُعن الذي يغيِّر خلق الله تعالى عموماً، ولُعن المغيِّر لها في أسنانه خصوصاً.
قال الله تعالى: (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَانًا مَرِيدًا. لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً. وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً) النساء/١١٧-١١٩.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعود رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ) رواه مسلم (٢١٢٥) .
قال النووي رحمه الله:
(الواشمة) فاعلة الوشم , وهي أن تغرز إبرة أو مسلة أو نحوهما في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة أو غير ذلك من بدن المرأة حتى يسيل الدم , ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل أو النورة , فيخضر , وفاعلة هذا واشمة , والمفعول بها موشومة، فإن طلبت فعل ذلك بها فهي مستوشمة.
(النامصة) هي التي تزيل الشعر من الوجه , والمتنمصة التي تطلب فعل ذلك بها.
(المتفلجات) المراد به: مفلجات الأسنان بأن تبرد ما بين أسنانها الثنايا والرباعيات , وهو من الفَلَج وهي فرجة بين الثنايا والرباعيات , وتفعل ذلك العجوز ومن قاربتها في السن إظهاراً للصغر وحسن الأسنان , لأن هذه الفرجة اللطيفة بين الأسنان تكون للبنات الصغار , فإذا عجزت المرأة كبرت سنها وتوحشت فتبردها بالمبرد لتصير لطيفة حسنة المنظر , وتوهم كونها صغيرة , وهذا الفعل حرام على الفاعلة والمفعول بها لهذه الأحاديث , ولأنه تغيير لخلق الله تعالى , ولأنه تزوير وتدليس.
(المتفلجات للحسن) معناه يفعلن ذلك طلبا للحسن , وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن , أما لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب في السن ونحوه فلا بأس.
" شرح مسلم " (١٤ / ١٠٦، ١٠٧) باختصار.
وكلام النووي رحمه الله بيِّنٌ في التفريق بين علاج الأسنان لإزالة عيب فيها، وبين عدم الرضا بخلقة الله والعبث بها من أجل التجميل، فالأول مباح، والثاني محرَّم.
وقد جاء في السنَّة ما يستدل به على جواز تركيب الأسنان لمن سقطت أسنانه لكبر أو مرض، بل ويجوز أن تكون ذهباً إن لم يقُم غيره مقامه.
فعن عرفجة بن أسعد أنه أصيب أنفه يوم الكُلاب في الجاهلية فاتخذ أنفا من وَرِق (أي: فضة) فأنتن عليه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفاً من ذهب.
رواه الترمذي (١٧٧٠) وأبو داود (٤٢٣٢) والنسائي (٥١٦١) وحسَّنه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " (٨٢٤) .
وقال علماء اللجنة الدائمة:
" لكن عند الضرورة يجوز استعمال الذهب سنّاً، أو أنفاً، أو نحو ذلك إذا لم يقم غيره مقامه " انتهى.
" فتاوى إسلامية " (٤ / ٢٤٨) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
" يجب أن نعلم أن السنَّ الذهب لا يجوز أن يركب إلا عند الحاجة إليه، فلا يجوز أن يركبه أحدٌ للزينة، اللهم إلا النساء إذا جرت عادتهن التزين بتحلية الأسنان بالذهب فلا بأس، أما الرجال فلا يجوز أبداً إلا لحاجة " انتهى.
" لقاءات الباب المفتوح " (٢٨ / السؤال رقم ٥) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب