ـ[في أول يوم من أيام الحيض نسيتْ أن تخبر زوجها وطلبت منه الطلاق وقام بإيقاع الطلاق (الثالث) ثم تذكرت ذلك وأخبرته؟ ما هو الموقف الشرعي المترتب على ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف الفقهاء في طلاق الحائض هل يقع أو لا؟ فذهب جمهورهم إلى وقوعه، وذهب جماعة منهم إلى عدم وقوعه، وعليه الفتوى عند كثير من فقهاء العصر منهم الشيخ ابن باز رحمه الله، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:" طلاق الحائض لا يقع في أصح قولي العلماء، خلافاً لقول الجمهور. فجمهور العلماء يرون أنه يقع، ولكن الصحيح من قولي العلماء الذي أفتى به بعض التابعين، وأفتى به ابن عمر رضي الله عنهما، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم وجمع من أهل العلم أن هذا الطلاق لا يقع؛ لأنه خلاف شرع الله، لأن شرع الله أن تطلق المرأة في حال الطهر من النفاس والحيض، وفي حالٍ لم يكن جامعها الزوج فيها، فهذا هو الطلاق الشرعي، فإذا طلقها في حيض أو نفاس أو في طهر جامعها فيه فإن هذا الطلاق بدعة، ولا يقع على الصحيح من قولي العلماء، لقول الله جل وعلا:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) الطلاق/١.
والمعنى: طاهرات من غير جماع، هكذا قال أهل العلم في طلاقهن للعدة، أن يَكُنَّ طاهرات من دون جماع، أو حوامل. هذا هو الطلاق للعدة " انتهى من "فتاوى الطلاق"(ص٤٤) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة"(٢٠/٥٨) : " الطلاق البدعي أنواع منها: أن يطلق الرجل امرأته في حيض أو نفاس أو في طهر مسها فيه، والصحيح في هذا أنه لا يقع " انتهى.
وعليه فإذا كان الطلاق صدر حال الحيض فإنه لا يقع ولا يعتد به، وتظل المرأة في عصمة زوجها.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه لله عن رجل طلق امرأته وهي حائض، وكان لا يدري أنها حائض، فهل يقع هذا الطلاق؟
فأجاب:
" الطلاق الذي وقع وعلى المرأة العادة الشهرية اختلف فيه أهل العلم، وطال فيه النقاش، هل يكون طلاقا ماضيا أم طالقا لاغيا؟ وجمهور أهل العلم على أنه يكون طلاقا ماضيا، ويحسب على المرء طلقة، ولكنه يؤمر بإعادتها وأن يتركها حتى تطهر من الحيض ثم تحيض مرة ثانية ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة: الإمام أحمد والشافعي ومالك وأبو حنيفة، ولكن الراجح عندنا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه، أن الطلاق في الحيض لا يقع، ولا يكون ماضيا، ذلك لأنه خلاف أمر الله ورسوله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ) والدليل على ذلك في نفس المسألة الخاصة: حديث عبد الله بن عمر حيث طلق زوجته وهي حائض، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:(مره فليراجعها ثم يتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق) ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء) فالعدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء أن يطلقها الإنسان طاهرا من غير جماع، وعلى هذا فإذا طلقها وهي حائض لم يطلقها على أمر الله، فيكون مردوداً، فالطلاق الذي وقع على هذه المرأة نرى أنه طلاق غير ماض، وأن المرأة لا زالت في عصمة زوجها، ولا عبرة في علم الرجل في تطليقه لها أنها طاهرة أو غير طاهرة، نعم، لا عبرة بعلمه، لكن إن كان يعلم صار عليه الإثم، وعدم الوقوع، وإن كان لا يعلم فإنه ينتفي وقوع الطلاق، ولا إثم على الزوج " انتهى.