للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان خالها وليها في النكاح فهل تجدد العقد؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا امرأة متزوجة منذ أكثر من ٧ سنين وعندي ثلاثة أولاد وسؤالي هو أن أبي وأمي منفصلين منذ صغري، وأنا لم أر أبي رحمه الله سوى مرة واحدة في حياتي. فهو كان متزوجا في غير المدينة التي نعيش بها وليس لنا أي علاقة به، ولذلك حين تزوجت كان خالي هو وليي، وقد كان أخي موجوداً ولم يعترض على هذا، ولكني علمت أن هذا لا يجوز، وأنه في حالة غياب الأب يجب أن يتولى الولاية من يليه، فأنا لا أعلم بذلك. هل زواجي هذا باطلٌ أم لا؟ وإن كان باطلا - لا قدر الله - فماذا عليّ أن افعل الآن وأنا عندي ٣ أولاد؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

الخال لا يكون وليا في النكاح؛ لأن الولاية مختصة بالعصبة، وهم الأب ثم الجد ثم الابن ثم الأخ ثم ابن الأخ ثم العم الخ.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (٧/١٣) : " ولا ولاية لغير العصبات من الأقارب , كالأخ من الأم , والخال , وعم الأم , والجد أبي الأم ونحوهم. نص عليه أحمد في مواضع. وهو قول الشافعي , وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة " انتهى.

ثانيا:

الأب أحق بتزويج ابنته من غيره، ولا يسقط حقه في الولاية بتقصيره وتفريطه في رعاية أبنائه. وكذلك غيابه لا يسقط ولايته، إلا إن غاب غيبة منقطعة بحيث لا يمكن الوصول إليه ولا الاتصال به، فتنتقل الولاية حينئذ إلى من بعده من الأولياء.

وعليه، فقد كان الواجب عليكم إعلامه بالخاطب، ليتولى عقد نكاحك أو يوكل من يتولى العقد، فإن أبى وكان الخاطب كفؤا، انتقلت الولاية إلى من بعده، وهو الجد إن كان موجودا، وإلا فالولاية للأخ إن كان بالغا، وإذا لم يوجد أحد من العصبة، انتقلت الولاية للقاضي.

ثالثا:

بناء على ما سبق، فقد تم نكاحك بغير ولي، والنكاح بغير ولي لا يصح عند جمهور العلماء، ويصح عند أبي حنيفة رحمه الله.

وعليه: فإن كان القضاء في بلدك يأخذ بالمذهب الحنفي، ويصحح النكاح بلا ولي، فالنكاح مستمر، ولا ينقض.

وإن لم يكن القضاء عندكم على هذا، فالعقد لاغ. ثم إن كان كل منكما الآن راغباً في الآخر، فيجدد العقد بحضور وليك.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (٧/٦) بعد أن قرر أن النكاح لا يصح إلا بولي، قال: " فإن حكم بصحة هذا العقد حاكم، لم يجز نقضه، لأنها مسألة مختلف فيها، والأحاديث الواردة فيها يمكن تأويلها، وقد ضعفها بعض أهل العلم. انتهى بتصرف

وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله عن فتاة زوجها خالها، فأجاب: " هذا العقد غير صحيح، لعدم الولي، والولي شرط من شروط النكاح، والخال ليس ولياً في النكاح، وإذا فقد الولي فالنكاح فاسد، هذا قول الجماهير من أهل العلم، وهو المشهور من المذهب واستدلوا لذلك بما روى أبو موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا نكاح إلا بولي) رواه الخمسة وصححه ابن المديني. وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، باطل، باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له) . رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه.

فإن كان هناك دعوى غرور [أي أن يدعي الزوج أنه خدع وغُرر به] فلا مانع من سماعها، وإن كان كل منهما يرغب استمرار النكاح بينهما فيجدّد له العقد، ولا تحتاج إلى عدة لأن الماء ماؤه، وإلا [أي إذا كان أحدهما لا يرغب في الآخر] فيفرق بينهما، وعليه أن يطلقها لأن العقد الفاسد يحتاج إلى طلاق، فإن أبى فسخه الحاكم " انتهى من "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (١٠/٧٣) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>