أثر عن كعب الأحبار في بعض ما أنزل على موسى عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: ما صحة هذا الحديث الشريف: عن كعب الأحبار رضي الله عنه قال: قرأت في بعض ما أنزل على موسى عليه السلام: " يا موسى! ركعتان يصليهما أحمد وأمته - وهي صلاة الغداة - مَن يصليهما غفرت له ما أصاب من الذنوب من ليله ويومه، ويكون في ذمتي. يا موسى! أربع ركعات يصليها أحمد وأمته - وهي صلاة الظهر - أعطيهم بأول ركعة فيها المغفرة، وبالثانية أثقل ميزانهم، وبالثالثة أوكل عليهم الملائكة يسبحون ويستغفرون لهم، وبالرابعة أفتح لهم أبواب السماء، ويشرف عليه الحور العين. يا موسى! أربع ركعات يصليها أحمد وأمته - وهي صلاة العصر – فلا يبقى مسلم فى السماوات والأرض الا استغفر لهم، ومن استغفر لهم الملائكة لم أعذبه. يا موسى! ثلاث ركعات يصليها أحمد وأمته حين تغرب الشمس أفتح لهم أبواب السماء، لا يسألون من حاجة الا قضيتها لهم. يا موسى! أربع ركعات يصليها أحمد وأمته حين يغيب الشفق، وهي خير لهم من الدنيا وما فيها، ويخرجون من ذنوبهم كيوم ولدتهم أمهاتهم. يا موسى! يتوضأ أحمد وأمته كما أمرتهم، أعطيهم بكل قطرة تقطر من الماء جنة عرضها كعرض السماء والأرض. يا موسى! يصوم أحمد وأمته شهرا فى كل سنة - وهو شهر رمضان - أعطيهم بصيام كل يوم مدينة فى الجنة، وأعطيهم بكل خير يعملون فيه من التطوع أجر فريضة، وأجعل فيه ليلة القدر، من استغفر منهم فيها مرة واحدة نادما صادقا من قلبه، فإن مات من ليله أو شهره أعطيته أجر ثلاثين شهيدا. يا موسى! إن في أمة محمد رجالا يقومون على كل شرف، يشهدون أن لا إله إلا الله، فجزاؤهم بذلك جزاء الأنبياء عليهم السلام، ورحمتى عليهم واجبة، وغضبي بعيد منهم، ولا أحجب باب التوبة عن واحد منهم ما داموا يشهدون أن لا إله إلا الله "]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لم نجد هذا الأثر من كلام كعب الأحبار في كتب أهل العلم المسندة وغير المسندة، ولم نقف على شيء قريب من معناه، وكعب الأحبار (ت ٣٢هـ) من أكثر الرواة الذين كَذَب عليهم الكذَّابون، ونسب إليهم كلُّ مُغرضٍ ما أراد أن يدسه في الدين، ومع أنه ليس من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، إلا أنه من علماء بني إسرائيل من التابعين الذين أسلموا، ونقلوا إلى المسلمين شيئاً من الكتب السابقة، فكثرت في أحاديثه العجائب والغرائب والمنكرات.
فلا يجوز التصديق بهذا الأثر المنسوب إليه، لما فيه من المبالغات الظاهرة، منها - على سبيل المثال - قوله:
(يا موسى! يتوضأ أحمد وأمته كما أمرتهم، أعطيهم بكل قطرة تقطر من الماء جنة عرضها كعرض السماء والأرض)
ومنها قوله:(وأَجْعَلُ فيه ليلة القدر، من استغفر منهم فيها مرة واحدة نادما صادقا من قلبه، فإن مات من ليله أو شهره أعطيته أجر ثلاثين شهيدا)
قال الحافظ ابن حجر في "النكت على ابن الصلاح"(٢/٨٤٣) :
" ومن جملة القرائن الدالة على الوضع (يعني وضع الحديث، وأنه مكذوب) : الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر اليسير، أو بالوعد العظيم على الفعل اليسير، وهذا كثير موجود في حديث القُصَّاص والطُرقِيَّة – يعني جهلة المتصوفة - " انتهى.