أسلمت دون أهلها فهل تبر أهلها مع أذيتهم لها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أسلمت وأنا صغيرة وقد طردني والدي من المنزل فانتقلت إلى أحد الدول الإسلامية مع زوجي للعيش هناك، وأنا اتصل على والدتي دائماً فهل علي إثم بترك اتصالي على والدي مع العلم أنه يتكلم علي بأنها عاهرة ويقوم بتهديدي وعائلتي بالقتل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نحمد الله تعالى أن هداكِ للإسلام، ولا شك أن فضل الله عليكِ عظيم إذ اختاركِ من بين أهلكِ لتكوني أولهم دخولاً في هذا الدين، ونسأل الله أن تكوني سبباً لدخولهم فيه كذلك.
وما فعلته من دعوة أهلك إلى الإسلام هو ما أوجبه الله تعالى عليكِ، وهم أولى من غيرهم بالدعوة وتبيين الحق لهم.
قال الله تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين} يوسف / ١٠٨، وقال تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين} الشعراء / ٢١٤.
وينبغي على الداعية إلى الله تعالى أن يرفق في دعوته ويتلطف في عرضها، وبخاصة إذا كانوا من أهله، فقد أمر الله تعالى بالإحسان إلى الوالدين ومصاحبتهم في الدنيا بالمعروف حتى لو كانوا كفاراً، ويدعونه إلى الكفر.
قال تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} النحل / ١٢٥، وقال تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون} العنكبوت / ٨.
ومن لم يستجب منهم: فإنما ضلاله على نفسه، وليس يلحق الداعي من إثمه شيء.
قال تعالى: {من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} الإسراء / ١٥.
وما فعلته من هجرتكِ إلى " إحدى الدول الإسلامية " وزواجك هو عين الصواب، فلا يستطيع المسلم أن يحافظ على دينه غالباً إذا كان في بيئة تعاديه وتحاربه، ويكون غريباً بينهم، وخاصة إذا كانت امرأة ليس لها حول ولا قوة إلا بالله تعالى، ويدل على هذه المشقة ما فعله والدكِ من طردك من البيت عندما علم بإسلامك.
واتصالك بوالدتكِ والسؤال عنها وعن والدكِ أمرٌ تُشكرين عليه، وهو مما أوجبه الله تعالى عليك، وحق الوالدين عظيم، فلا تقطعي صلتك بهم وإن أساؤوا إليك وحاولي الاتصال بوالدك والتلطف معه في الكلام لعل ذلك يكون من أسباب هدايته ويزيل ما في قلبه من قسوة عليك.
وأما ما يهددكِ به والدكِ: فلا تلتفتي له ولا تهتمي به، فلن يصيبك وزوجك وعائلتك إلا ما كتب الله لكم، فخذوا بالأسباب واستعينوا بالله تعالى فهو خيرٌ حافظاً وهو أرحم الراحمين.
وما قذفكِ به واتهمكِ بفعله: هو مما يدخل في أذية الكافر للمسلم، وقد قُذف عرض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم باتهام زوجته وأمنا أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – بالزنا، وقيل عنه ساحر وكاهن ومجنون، وهكذا قيل لإخوانه الأنبياء عليهم السلام، فاصبري على هذا وثقي بالله تعالى أنه سيفرج كربك ويزيل همك، فاستعيني به، وداومي على دعائه واللجوء إليه فهو نعم النصير ونعم المعين.
ونسأل الله تعالى أن يثبتك على دينه وأن يزيدك هدى وبصيرة وعلماً.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب