للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم التداوي بألبان الحمر الأهلية

[السُّؤَالُ]

ـ[معروف أن أكل لحم الحمر الأهلية حرام، وأن الله إذا حرم شيئا حرمه كله، وقد قرأت أن حليب الحمار علاج للمرأة التي لا تحمل (علاج للحمل) فما الحكم في هذه الحالة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لا يجوز أكل لحوم الحمر الأهلية، ولا التداوي بألبانها.

والحمر الأهلية، كانت مباحة في أول الأمر، ثم حرمها النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر. روى البخاري (٥٥٢٠) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الْخَيْل.

وروى البخاري (٥٥٢٧) ومسلم (١٩٣٦) عن أبي ثَعْلَبَةَ رضي الله عنه قَالَ: حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ.

قال ابن قدامة رحمه الله: " أكثر أهل العلم يرون تحريم الحمر الأهلية. قال أحمد: خمسة عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كرهوها. قال ابن عبد البر: لا خلاف بين علماء المسلمين اليوم في تحريمها" انتهى من "المغني" (٩/٣٢٤) .

وإذا حرم لحمها حرم لبنها.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (٩/٣٢٥) : " وألبان الحمر محرمة , في قول أكثرهم. ورخص فيها عطاء , وطاوس والزهري. والأول أصح ; لأن حكم الألبان حكم اللحمان " انتهى.

وقال أيضا (٩/٣٣٨) : "وَلا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِمُحَرَّمٍ , وَلا بِشَيْءٍ فِيهِ مُحَرَّمٌ , مِثْلِ أَلْبَانِ الأُتُنِ (جمع أتان وهي أُنثى الحمار) ، وَلَحْمِ شَيْءٍ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ , وَلا شُرْبِ الْخَمْرِ لِلتَّدَاوِي بِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا) ; وَلأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذُكِرَ لَهُ النَّبِيذُ يُصْنَعُ لِلدَّوَاءِ فَقَالَ: (إنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ) " انتهى.

وقال في "شرح المنتهى" (٣/٤١٢) : "ويحرم ترياق (دواء السموم) فيه من لحوم الحيات، أو الحمر، وتداوٍ بألبان حمر، وكل محرم " انتهى بتصرف.

وقال ابن القيم رحمه الله: "المعالجة بالمحرمات قبيحة عقلا وشرعا، أما الشرع فما ذكرنا من هذه الأحاديث وغيرها، وأما العقل فهو أن الله سبحانه إنما حرمه لخبثه، فإنه لم يحرم على هذه الأمة طيبا، عقوبةً لها كما حرمه على بني إسرائيل بقوله: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم) النساء /١٦٠، وإنما حرم على هذه الأمة ما حرم لخبثه، وتحريمه له حميةً لهم، وصيانةً عن تناوله، فلا يناسب أن يطلب به الشفاء من الأسقام والعلل، فإنه وإن أثر في إزالتها، لكنه يعقب سقما أعظم منه في القلب بقوة الخبث الذي فيه، فيكون المداوى به قد سعى في إزالة سقم البدن بسقم القلب.

وأيضا: فإن تحريمه يقتضي تجنبه والبعد عنه بكل طريق، وفي اتخاذه دواء حض على الترغيب فيه وملابسته، وهذا ضد مقصود الشارع.

وأيضا: فإنه داء، كما نص عليه صاحب الشريعة، فلا يجوز أن يتخذ دواء.

وأيضا: فإنه يكسب الطبيعة والروح صفة الخبث؛ لأن الطبيعة تنفعل عن كيفية الدواء انفعالا بيناً، فإذا كانت كيفيته خبيثة اكتسبت الطبيعة منه خبثا، فكيف إذا كان خبيثا في ذاته ولهذا حرم الله سبحانه على عباده الأغذية والأشربة والملابس الخبيثة، لما تكسب النفس من هيئة الخبث وصفته " انتهى من "زاد المعاد" (٤/١٥٦) .

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (٢٥/٣١) : " لا يجوز التداوي بشرب ألبان الحمر الأهلية " انتهى.

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز. الشيخ عبد الرازق عفيفي. الشيخ عبد الله بن غديان. الشيخ عبد الله بن قعود.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>