حكم نسخ البرامج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم نسخ برامج الحاسب الآلي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا كانت برامج الحاسب قد نص أصحابها ومعدّوها على أن الحقوق محفوظة لهم، وأنه لا يجوز نسخها نسخا عاما أو خاصا، فالأصل هو الوفاء لهم بهذا الشرط،؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) رواه أبو داود (٣٥٩٤) وصححه الألباني في "الإرواء" (١٣٠٣) .
وانظر: "فتاوى اللجنة الدائمة" (١٣/١٨٨) .
ويتأكد هذا بأن حق التأليف والاختراع والإنتاج، وغيرها من الحقوق المادية والمعنوية، مكفولة لأصحابها، لا يجوز الاعتداء عليها، ولا المساس بها، من غير إذن أصحابها، ومن ذلك: الأشرطة، والاسطوانات، والكتب.
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي قرار بخصوص الحقوق المعنوية، جاء فيه:
" أولاً: الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، والتأليف والاختراع أو الابتكار، هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العُرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتموّل الناس لها، وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها ...
ثالثاً: حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها " انتهى باختصار.
ومما لا شك فيه أن أصحاب الأشرطة والاسطوانات، قد بذلوا في إعدادها وقتا وجهدا ومالا، وليس في الشريعة ما يمنعهم من أخذ الربح الناتج عن هذه الأعمال، فكان المعتدي على حقهم، ظالما لهم، وآكلاً أموالهم بالباطل.
ثم إنه لو أبيح الاعتداء على هذه الحقوق، لزهدت هذه الشركات في الإنتاج والاختراع والابتكار، لأنها لن تجني عائدا، بل قد لا تجد ما تدفعه لموظفيها، ولا شك أن توقف هذه الأعمال قد يمنع خيراً كثيراً عن الناس، فناسب أن يفتي أهل العلم بتحريم الاعتداء على هذه الحقوق.
ثانيا:
إذا لم يكن هناك نص على منع النسخ الخاص، فيجوز نسخها بغرض الاستفادة الشخصية، دون التربح.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في هذه المسألة:
" يُتبع فيها ما جرى به العُرف، اللهم إلا شخص يريد أن ينسخها لنفسه ولم ينصّ الذي كتبها أولاً على منع النسخ الخاص والعام فأرجو أن لا يكون به بأس، أما إذا نصّ الشخص الذي كتبها أولاً على المنع الخاصّ والعامّ فلا يجوز مطلقا " انتهى.
وانظر جواب السؤال رقم (٤٥٤) .
ثالثا:
ما ذكرناه في الحالتين هو الحكم العام باعتبار الأصل، ولكن قد تعرض بعض الحالات التي يجوز فيها النسخ والتصوير بدون إذن أصحابها، وذلك في حالين:
١- إذا لم تكن موجودة بالأسواق، للحاجة، ويكون نسخها للاستعمال الشخصي أو للتوزيع الخيري، فلا يبيع ولا يربح منها شيئا.
٢- إذا اشتدت الحاجة إليها وأصحابها يطلبون أكثر من ثمنها، وقد استخرجوا تكلفة برامجهم مع ربح مناسب معقول، يعرف ذلك كله أهل الخبرة، فعند ذلك يجوز نسخها للاستفادة الشخصية، لا بقصد بيعها.
ومنه يستفاد حكم:
١- نسخ الأناشيد من النسخ الأصلية وجمعها في شريط واحد:
هذا لا حرج فيه، لأن أصحاب الأشرطة لا ينصّون على منع النسخ الخاص، وإنما ينصون على حفظ حقوقهم، وهذا منصب على منع النسخ لغرض الاتجار، أو ما يلحِق بهم الضرر كالنسخ العام لأجل التوزيع، وأما النسخ الخاص، فلا يدخل في هذا.
وقد سئلت اللجنة الدائمة: هل يجوز أن أسجل شريطا من الأشرطة وأبيعه، دون طلب الإذن من صاحبه بذلك، أو إن لم يكن صاحبه على قيد الحياة من الدار الخاصة به؟ وهل يجوز أن أصور كتابا من الكتب وأجمع منه عددا كبيرا وأبيعه؟ وهل يجوز كذلك أن أصور كتابا من الكتب ولكن لا أبيعه، وإنما أحتفظ به لنفسي، وهذه الكتب التي تحمل علامة (حقوق الطبع محفوظة) هل أطلب الإذن أم لا؟
فأجابت: " لا مانع من تسجيل الأشرطة النافعة وبيعها، وتصوير الكتب وبيعها؛ لما في ذلك من الإعانة على نشر العلم إلا إذا كان أصحابها يمنعون من ذلك، فلا بد من إذنهم ". انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (١٣/١٨٧) .
٢- تحميل البرامج من المواقع وإنزالها بالمنتديات:
إذا كانت مواقع البرامج تسمح بتنزيلها والاستفادة منها مجانا، فلا حرج عليك في تنزيلها، ووضعها في المنتديات، أو الاحتفاظ بها لنفسك.
وأما إن كانت لا تسمح بالتنزيل، أو تسمح بتنزيل نسخة تجريبية، فلا يجوز الاعتداء على حقهم، بكسر الحماية، أو البحث عما يسمى بالكراك أو الرقم السري، ونحو ذلك؛ إذ لا فرق بين وضع البرامج في مواقع، أو على أسطوانات، فما ذكره أهل العلم في احترام الحقوق، والوفاء بالشروط، ينطبق على الأمرين، ويُستثنى منه ما استثني في الأول.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب