ـ[شاب يسأل فيقول: إنه كان يرتكب بعض المعاصي وتاب إلى الله سبحانه وتعالى، ولكن هناك معصية ما زالت تؤنب ضميره وهو أنه فعل الزنا في بكر، وهو يسأل ماذا يصنع؟ فهو لا يستطيع أن يتزوجها، وهذا الأمر قد سبب له آلاماً نفسية وعيشة مضطربة، فما رأي فضيلتكم في هذا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذي نرى أن الإنسان إذا تاب من أيِّ ذنب فإن الله يتوب عليه، لأن الله ذكر أصول المعاصي وهي الذنوب الكبيرة العظيمة في قوله تعالى:(وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ) وهذا الشرك (وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ) وهذا القتل (وَلا يَزْنُونَ) وهذا فعل الفاحشة، عدوان على الله وعلى النفوس وعلى الأعراض، ثم قال:(وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الفرقان/٦٨-٧٠.
فالواجب على الإنسان أن يتوب توبة نصوحاً تكتمل فيها الشروط الخمسة المعروفة، وهي الندم والإقلاع والعزم على ألا يعود في المستقبل، والإخلاص وهو الأصل، وأن تكون التوبة قبل فوات الأوان، فإذا استكملت هذه الشروط الخمسة في حقه فهي توبة نصوح، يمحو الله بها كل ما سلف من ذنوبه حتى الزنا.
أما بالنسبة للمزني بها، فإن كان باختيارها فهي تسأل عن ذلك بنفسها، وإن كان إكراهاً فعلى الذي أكرهها أن يتوب إلى الله عز وجل من هذا الإكراه، وإذا تمكن من أن يستحلها فليفعل، وإذا لم يتمكن فليكثر من الاستغفار لها، والله سبحانه وتعالى غفور رحيم.
أما ما حصل من إذهاب بكارتها بهذا الزنا، وأنها ستكون في حرج عظيم، لأنها إذا خطبت على أنها بكر كشف أمرها في ليلة البناء، وأما إذا قالت: إنها زالت بكارتها، تناولتها الألسن وجلبت بذلك الفضيحة لأهلها، وإن سكتت كان في هذا شيء من الغش بالنسبة للزوج الذي يتزوجها، لكن أرجو من الله عز وجل إن كانت توبة هذا الشاب توبة صادقة، وكانت المرأة أيضاً توبتها صادقة أن يجعل الله لهما فرجاً ومخرجاً.
وأما قولك في السؤال: إنه لا يمكن أن يتزوج بها فلا أدري لماذا؟ فإذا تابا وتيسر له أن يتزوج بها فحسن، وإذا لم يتيسر، فسيجعل الله لها فرجاً ومخرجاً ما دامت توبتها صادقة، لأن الله تعالى قال:(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) الطلاق/ ٢، وهذا عام، وقال تعالى أيضاً:(وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) الشورى/٢٥.
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين من "لقاءات الباب المفتوح"(٣/٣٣٥-٣٣٦) .