ـ[أعيش في دولة غير مسلمة وظللت أرتكب الذنوب لفترات طويلة ولكن الحمد لله الذي هداني إلى الصواب وإلى التوبة. وقبل توبتي اعتدت أن أسرق من المحلات وأغش الجهات الحكومية في الحصول على أموال من الضمان الإجتماعي (التأمينات الإجتماعية) وأركب المواصلات العامة بدون أن أدفع تذاكر وإذا أخبرت السلطات بهذه الأمور (التي توقفت عنها) فسوف يسجنونني في بلد غير مسلم أرجو منكم أن تدلوني على ما يجب فعله واسألكم الدعاء ليغفر الله لنا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحمد لله الذي أكرمك بالتوفيق للتوبة، ونسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً إلى صراطه المستقيم، ويثبتنا عليه حتى الممات.
اعلم يا أخي أنه لا يجوز للمسلم أن يغش أحداً أو أن يأخذ ماله بغير حق ولو كافراً.
وإذا ارتكب المسلم شيئاُ من الذنوب – السرقة أو غيرها – ثم تاب قبل رفع الأمر إلى الحاكم فإنه تسقط عنه العقوبة حينئذ، ولا تجوز معاقبته، لقول الله تعالى في قطاع الطرق:(إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣) إِلَاّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (سورة النساء / ٣٣-٣٤، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) ومن لا ذنب له لا عقاب عليه. الاختيارات الفقهية ص (٥١٠ – ٥٢٦) المغني (١٢/٤٨٤)
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - بعد أن رجم الأسلمي -: " اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها فمن ألَمَّ بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله؛ فإنه مَن يُبدِ لنا صفحته: نقم عليه كتاب الله تعالى عز وجل ". رواه الحاكم في " المستدرك على الصحيحين "(٤ / ٤٢٥) والبيهقي (٨ / ٣٣٠) .
وعلى هذا فلا يلزمك أن تذهب إلى السلطات وتعترف بالسرقة، بل تكفيك التوبة الصادقة، ولكن يجب عليك رد الأموال إلى أصحابها، ولا تصح توبتك إلا بذلك، ولا يشترط أن تخبرهم بأن هذه الأموال سرقتها منهم، لاسيما إذا خشيت أن يقدموا فيك شكوى ويسجنوك، فالمهم هو رجوع المال إلى أصحابه، فإما أن تجعله في مظروف، أو تعطيه من يوصله إليهم ... أو غير ذلك من الطرق.
فأموال الحكومة يجب ردها إليها، وكذا أموال الأشخاص الآخرين، وإذا لم تعرف مقدار المال بالتحديد فإنك تجتهد في تحديده وتغلّب جانب الاحتياط، بمعنى أنك تخرج من المال حتى تتيقن أنك فعلت الواجب عليك.
وإذا لم تعرف أصحاب الأموال فإنك تتصدق به عنهم وتجعله في سبيل الخير والإحسان.