للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم بيع المخدرات لغير المسلمين

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز بيع المخدرات لغير المسلمين إذا كان هذا هو السبيل الوحيد للحفاظ على الحياة؟ مثلا، كما يحدث للفقراء في أفغانستان؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

تعد المخدرات من أخطر ما يتناوله أصحاب الشهوات المحرمة، لما ينجم عنها من الأمراض المختلفة، فضلا عن الانحلال، وفساد الخلق، وانتشار الفاحشة والجرائم في المجتمع.

ثم إنها بانتشارها في المجتمعات غير المسلمة تنتقل عن طريق أهل السوء والفساد إلى بلاد المسلمين، بأنواعها المختلفة، وأمراضها المستعصية، سواء كانت أمراضا للقلوب أو الأبدان. فوجب منع هذا الشر، ومحاربته بكل طريق.

ودعوى الضرورة في مثل هذا مما لا ينبغي الالتفات إليه، بل المسلم إن اضطر جاز له أكل الميتة ولا يجوز له بيع المخدرات، فإنه لا توجد ضرورة حقيقية تبيح للمسلم أن يبيع المخدرات، وقول السائل: "إذا كان هذا هو السبيل الوحيد للحفاظ على الحياة فيه" مبالغة واضحة.

فالذي يغرس أرضه بالنباتات المخدرة ليبيعها ويتاجر فيها يمكنه أن يغرسها بنباتات مباحة، يأكل منها، ويبيع ما تبقى من المحصول.

وفي الترخص في مثل ذلك فتح باب عظيم من أبواب الشر، ودعوة لنشر هذا الفساد.

وقد روى أبو داود (٣٤٨٨) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: (َإِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٥١٠٧) .

وروى مسلم (١٥٧٩) عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا [يعني: الخمر] حَرَّمَ بَيْعَهَا) .

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: (إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ) متفق عليه.

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله:

" ما حرَّم الله الانتفاعَ به، فإنَّه يحرم بيعُه وأكلُ ثمنه، كما جاء مصرحاً به في الراوية المتقدمة: (إنَّ الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه) ، وهذه كلمةٌ عامَّةٌ جامعة، تَطَّرِدُ في كُلِّ ما كان المقصودُ من الانتفاع به حراماً ". انتهى.

"جامع العلوم والحكم" (٤١٥) .

وقال ابن حزم رحمه الله:

"َلا يَحِلُّ بَيْعُ الْخَمْرِ، لا لِمُؤْمِنٍ، وَلا لِكَافِرٍ ". انتهى.

"المحلى" (٧/٣٥٦) .

وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (٥/٧٦٣) :

" فإن قيل: فهل تُجوِّزون للمسلم بيعَ الخمر والخنزير مِن الذمي لاعتقاد الذمي حلهما؟ قيل: لا يجوز ذلك، وثمنُه حرام " انتهى.

وقال ابن جزي:

" لا يحل لمسلم بيع الخمر إلى مسلم ولا كافر " انتهى.

"القوانين الفقهية" (ص ١١٧) .

وقال النووي:

" بَيْعَ الْخَمْرِ بَاطِلٌ سَوَاءٌ بَاعَهَا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ أَوْ تَبَايَعَهَا ذِمِّيَّانِ , أَوْ وَكَّلَ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا فِي شِرَائِهَا لَهُ , فَكُلُّهُ بَاطِلٌ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا " انتهى.

"المجموع" (٩/٢٧١) .

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (١٣/٤٩) :

" لا يجوز المتاجرة فيما حرم الله من الأطعمة وغيرها، كالخمور والخنزير، ولو مع الكفرة؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه) ، ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن الخمر وشاربها وبائعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها". انتهى.

فهذه أقوال علماء الإسلام في تحريم بيع الخمر، ولو كان يبيعها لغير مسلم، استدلالاً بالأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>