هل تتصدق من نفقة بيتها دون علم زوجها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعطيني مصروفاً لي ولبناتي كل شهر، فأُخرج منه مبلغاً معيَّناً صدقة دون الرجوع إليه، فهل يجوز هذا العمل أم يجب أن أرجع له وأسأله إن كان يوافق أن أخرج من هذا المال صدقة أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج على المرأة أن تتصدق من مال زوجها إذا أذن لها بذلك، وهذا الإذن قد يكون لفظياً (بالكلام) كما لو قال لها: لك أن تتصدقي من مالي بكذا أو بما شئت.
وقد يكون الإذن عرفياً، بمعنى أنه قد جَرَت عادة الناس الرضى بهذا، أو تعلم من خُلُق زوجها أنه يرضى بهذا ولا يمنعه.
فلا حرج عليها في هذه الحال أن تتصدق من مال زوجها، ولها أجر الصدقة، ولزوجها أيضاً.
أما إذا منعها، أو كانت تعلم أنه لا يرضى بهذا فلا يجوز لها حينئذ الصدقة من ماله بشيء.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (٤ / ٣٠١) :
"وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الصَّدَقَةُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ , بِغَيْرِ إذْنِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ; إحْدَاهُمَا , الْجَوَازُ ; لأَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا , غَيْرَ مُفْسِدَةٍ , كَانَ لَهَا أَجْرُهَا , وَلَهُ مِثْلُهُ بِمَا كَسَبَ , وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ , وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ , مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ) . وَلَمْ يَذْكُرْ إذْنًا.
وَعَنْ أَسْمَاءَ , أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ لِي شَيْءٌ إلا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ , فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَرْضَخَ مِمَّا يُدْخِلُ عَلَيَّ؟ فَقَالَ: (ارْضَخِي مَا اسْتطَعْتِ) والرضخ هو العطاء. وفي رواية للبخاري: قال: (تَصَدَّقِي) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَلأَنَّ الْعَادَةَ السَّمَاحُ بِذَلِكَ , وَطِيبُ النَّفْسِ , فَجَرَى مَجْرَى صَرِيحِ الإِذْنِ.
وَالرِّوَايَة الثَّانِيَة , لا يَجُوزُ. . . . وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. . .
فَإِنْ مَنَعَهَا ذَلِكَ , وَقَالَ: لا تَتَصَدَّقِي بِشَيْءٍ , وَلا تَتَبَرَّعِي مِنْ مَالِي بِقَلِيلٍ , وَلا كَثِيرٍ. لَمْ يَجُزْ لَهَا ذَلِكَ اهـ بتصرف واختصار.
ويدل على عدم جواز تصدق المرأة من مال زوجها إلا بإذنه ما رواه أبو داود (٣٥٦٥) عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا الطَّعَامَ؟ قَالَ: ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا) . صححه الألباني في صحيح أبي داود.
(إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا) أي الإذن الصريح، أو بدلالة الحال. قاله في عون المعبود.
وسئلت اللجنة الدائمة عن امرأة تتصدق من مال زوجها بدون إذنه
فأجابت: " الأصل أنه ليس للمرأة أن تتصدق من مال زوجها بدون إذن منه، إلا ما كان يسيراً قد جرت العادة به، كصلة الجيران والسائلين بشيء يسير لا يضر زوجها، والأجر بينهما؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:.. ثم ذكرت حديث عائشة المتقدّم " اهـ.
فتاوى اللجنة الدائمة (١٠/٨١)
وسئل الشيخ ابن عثيمن رحمه الله: هل يجوز للمرأة أن تتصدق من مال زوجها لنفسها أو لأحد من أمواتها؟
فأجاب: " من المعلوم أن مال الزوج للزوج، ولا يجوز لأحد أن يتصدق من مال أحد إلا بإذنه، فإذا أذن الزوج لها أن تتصدق به لنفسها، أو لمن شاءت من أمواتها فلا حرج عليها، فإن لم يأذن فإنه لا يحل له أن تتصدق بشيء، لأنه ماله، ولا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه " اهـ.
مجموع فتاوى ابن عثيمين (١٨/٤٧٢)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب