للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم الانتماء إلى الجماعات الإسلامية

[السُّؤَالُ]

ـ[احترت بشأن الجماعات الإسلامية الموجودة حالياً. هل يجب على الشخص أن يتبع أو ينضم لمجموعة ما؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لا يجب على المسلم أن يتبع أحداً بحيث يأخذ كل ما يقول ويعمل به إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل من عدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يؤخذ من قوله ويترك، كما قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر. وأشار إلى قبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وأما الانضمام لمجموعة ما، فلا شك أن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم قد أمرا بالجماعة وحثا عليها، قال صلى الله عليه وسلم: (يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ) رواه الترمذي (٢١٦٧) وصححه الألباني. وقال: (َعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ) رواه النسائي (٨٤٧) وحسنه الألباني في صحيح النسائي. وقال: (الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد) رواه الترمذي (٢١٦٥) وصححه الألباني في صحيح الترمذي. والأحاديث في هذا كثيرة.

ولا شك أن تعاون المسلم مع مجموعة من إخوانه على طاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، وطلب العلم، والتواصي فيما بينهم بالحق والصبر. . . إلخ لا شك أن هذا عمل مشروع، وبذلك يعصم الإنسان نفسه من الشيطان كما دل على ذلك الأحاديث المتقدمة، وهو مما يدخل في قول الله تعالى: (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) سورة العصر.

أما إن كان قصد السائل بالانضمام لجماعة ما أن يتعصب لها، فيرى أن هذه الجماعة هي الجماعة الوحيدة التي على الحق، وكل من عداها على الباطل، ويوالي من معه في هذه الجماعة، ويعادي من سواهم (كما هو واقع كثير من أفراد هذه الجماعات اليوم) فإن هذا من الجَوْر الذي يأباه الله ورسوله والمؤمنون، ولا يزيد الأمة إلا تفرقاً وضعفا، بل المؤمن يوالي جميع المؤمنين، كما قال الله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) المائدة/٥٥. وقال تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) الحجرات/١٠. وقال صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم) . وكلٌّ من هذه الجماعات (المتفقة على أصول أهل السنة والجماعة) على ثغر من ثغور الإسلام، فليس الحق حكراً على أحد دون أحد، والدعوة إلى الله تحتاج إلى جهود هؤلاء جميعاً وأضعافهم معهم.

فالمؤمن يوالي جميع المؤمنين ويتعاون معهم على طاعة الله تعالى، ولو كانوا بعيدين عنه. ويكف عن معاونتهم على معصية الله، ولو كانوا أقرب الناس إليه.

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن حكم الانتماء للجماعات الإسلامية، والالتزام بمنهج جماعة معينة دون سواها؟

فأجاب:

" الواجب على كل إنسان أن يلتزم بالحق، قال الله عز وجل، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، وألا يلتزم بمنهج أي جماعة لا إخوان مسلمين ولا أنصار سنة ولا غيرهم، ولكن يلتزم بالحق، وإذا انتسب إلى أنصار السنة وساعدهم في الحق، أو إلى الإخوان المسلمين ووافقهم على الحق من دون غلو ولا تفريط فلا بأس، أما أن يلزم قولهم ولا يحيد عنه فهذا لا يجوز، وعليه أن يدور مع الحق حيث دار، إن كان الحق مع الإخوان المسلمين أخذ به، وإن كان مع أنصار السنة أخذ به، وإن كان مع غيرهم أخذ به، يدور مع الحق، يعين الجماعات الأخرى في الحق، ولكن لا يلتزم بمذهب معين لا يحيد عنه ولو كان باطلاً ولو كان غلطاً، فهذا منكر، وهذا لا يجوز، ولكن مع الجماعة في كل حق، وليس معهم فيما أخطأوا فيه " اهـ. "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله (٨/٢٣٧) .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>