الانتفاع بالتأمين
[السُّؤَالُ]
ـ[في عام ٩٦ ميلادي صدمتني سيارة وكنت سأقدم أوراقي إلى شركة التأمين ولكن لم أقدمها حتى حدث لي حادث آخر في عام ٢٠٠١ ميلادي ولم يكن لي فيه تأمين ونتج من هذا الحادث إصابتي بشلل وأحتاج إلى علاج وأنا فقير جدا ولله الحمد وبما أني لم أترك وسيلة إلا وطرقتها فهل لي أن أقدم أوراقي إلى التأمين. ويعلم الله ما أنا فيه من الكرب والضيق فادعوا الله لي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أما بعد فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك، ويفرج همك وكربك.
وإن كان المقصود من تقديم أوراقك إلى التأمين: أنك مشارك فيما يسمى بالتأمين الصحي، أو تنوي المشاركة فيه، فاعلم أن هذا التأمين محرم، وكذلك ما يسمى بالتأمين على الحياة، لاشتمال عقد التأمين في كل منهما على الغرر والمقامرة، وبهذا أفتى أهل العلم.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (١٥/٢٩٧) :
أ- لا يجوز للمسلم أن يؤمّن على نفسه ضد المرض، سواء كان في بلاد إسلامية أم في بلاد الكفار؛ لما في ذلك من الغرر الفاحش والمقامرة.
ب – لا يجوز أن يؤمّن المسلم على النفس أو على أعضاء الجسد كلا أو بعضا، أو على المال أو الممتلكات أو السيارات أو نحو ذلك، سواء كان ذلك في بلاد الإسلام أم بلاد الكفار؛ لأن ذلك من أنواع التأمين التجاري، وهو محرم لاشتماله على الغرر الفاحش والمقامرة. انتهى
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (التأمين معناه أن الشخص يدفع إلى الشركة شيئا معلوما شهريا أو سنويا من أجل ضمان الشركة للحادث الذي يكون على الشيء المؤمَّن.
ومن المعلوم أن الدافع للتأمين غارم بكل حال، أما الشركة فقد تكون غانمة، وقد تكون غارمة، بمعنى أن الحادث إذا كان كبيرا أكثر مما دفعه المؤمِّن صارت الشركة غارمة، وإن كان صغيرا أقل مما دفعه المؤمن أو لم يكن حادث أصلا صارت الشركة غانمة، والمؤمِّن غارم.
وهذا النوع من العقود أعني العقد الذي يكون الإنسان فيه دائرا بين الغنم والغرم، يعتبر من الميسر الذي حرمه الله عز وجل في كتابه وقرنه بالخمر وعبادة الأصنام.
وعلى هذا فهذا النوع من التأمين محرم. ولا أعلم شيئا من التأمين المبني على الغرر يكون جائزا، بل كله حرام لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن بيع الغرر") .
وقال:
(التأمين على الحياة غير جائز؛ لأن المؤمن على حياته إذا جاءه ملك الموت فلا يستطيع أن يحيله على شركة التأمين، فهذا خطأ وسفه وضلال وفيه اعتماد على هذه الشركة من دون الله، فهو يعتمد أنه إذا مات فالشركة ستضمن لورثته قوتهم ونفقتهم، وهذا اعتماد على غير الله.
وأصل هذه المسألة مأخوذ من الميسر، بل هي في الواقع ميسر، وقد قرن الله الميسر في كتابه بالشرك والاستقسام بالأزلام والخمر.
وفي التأمين إذا دفع الإنسان مبلغا من المال فقد يبقى سنوات طويلة يدفع ويكون غارما، وإذا مات عن قرب صارت الشركة هي الغارمة، وكل عقد دار بين الغنم والغرم فهو ميسر) انتهى نقلا عن فتاوى علماء البلد الحرام ص ٦٥٢، ٦٥٣
انظر السؤال: (١٠٨٠٥) و (٨٨٨٩)
ثانياً:
إذا اضطررت إلى دفع التأمين ثم حصل حادث فيجوز لك أن تأخذ من شركة التأمين بمقدار الأقساط التي دفعتها، وما زاد عنها فإنك لا تأخذه فإن ألزموك بأخذه فإنك تتبرع به في أوجه الخير.
ونوصيك بتقوى الله تعالى، واللجوء إليه، والإكثار من دعائه، فإنه ما خاب من طرق باب الكريم سبحانه، ونذكرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل " رواه الترمذي (٢٣٢٦) وأبو داود (١٦٤٥) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب