للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز الاستماع إلى خطبة الجمعة في المنزل، ثم الذهاب إلى المسجد للصلاة؟

[السُّؤَالُ]

ـ[ما الحكم في سماعي لخطبة الجمعة من منزلي في غرفتي الخاصة، مع العلم أن المنزل مقابل المسجد، ثم أتوجه إلى المسجد للصلاة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

يقول الله عز وجل:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الجمعة/٩

قال الشيخ السعدي رحمه الله:

" يأمر تعالى عباده المؤمنين بالحضور لصلاة الجمعة والمبادرة إليها، من حين ينادى لها " انتهى.

"تفسير السعدي" (ص ٨٦٣)

وروى أبو داود (٣٤٥) والترمذي (٤٩٦) وحسنه، عن أوس بْنُ أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره.

فأوجب الله السعي إليها، حين ينادى بها، وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم التبكير إليها.

فيجب على كل من سمع النداء للجمعة – وهو النداء الثاني - ممن تجب عليه - أن يسعى إلى الصلاة، ولا يجوز له التخلف عن حضور الخطبة إلا لعذر، ومن كان منزله بعيداً وجب عليه أن يسعى لها قبل النداء ليدرك الخطبة والصلاة؛ لأن إدراكهما واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

قال ابن قدامة رحمه الله:

" الْخُطْبَة شَرْطٌ فِي الْجُمُعَةِ , لَا تَصِحُّ بِدُونِهَا , وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا , إلَّا الْحَسَنَ " انتهى.

"المغني" (٢/٧٤)

وقال الكاساني رحمه الله:

" قال تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ) قِيلَ ذِكْرُ اللَّهِ هُوَ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ , وَقِيلَ هُوَ الْخُطْبَةُ، وَكُلُّ ذَلِكَ حُجَّةٌ ; لِأَنَّ السَّعْيَ إلَى الْخُطْبَةِ إنَّمَا يَجِبُ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ سَقَطَتْ عَنْهُ الصَّلَاةُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ إلَى الْخُطْبَةِ، فَكَانَ فَرْضُ السَّعْيِ إلَى الْخُطْبَةِ فَرْضًا لِلصَّلَاةِ , وَلِأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ يَتَنَاوَلُ الصَّلَاةَ وَيَتَنَاوَلُ الْخُطْبَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى " انتهى.

"بدائع الصنائع" (١/٢٥٧) ، وانظر: (١/٢٦٢) .

وقال الشوكاني رحمه الله:

" قد أمر الله سبحانه في كتابه العزيز بالسعي إلي ذكر الله، والخطبة من ذكر الله إذا لم تكن هي المرادة بالذكر، فالخطبة فريضة " انتهى.

"السيل الجرار" (ص١٨٢)

وقال علماء اللجنة الدائمة:

" جمهور العلماء على أن الخطبة شرط في صحة صلاة الجمعة؛ لقوله تعالى (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) قالوا: والمراد بالذكر هنا الخطبة، فكانت واجبة للأمر بالسعي لها، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم داوم عليها مقترنة بصلاة الجمعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) فوجب قرنها بالجمعة، كما قرنها بها صلى الله عليه وسلم "

انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (٣ / ٣٢٤) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" يجب على الإنسان إذا سمع أذان الجمعة، وهو الأذان الذي يكون عند حضور الإمام، أن يسعى إليها ليدرك الاستماع للخطبة والصلاة كاملة، أما قبل أن يؤذن الأذان الثاني فإنه لا يجب الحضور. قال أهل العلم: إلا من كان منزله بعيدا بحيث لا يصل إلى المسجد إلا بعد الأذان الثاني: فيجب أن يسعى إلى الجمعة بحيث يصل إلى المسجد عند الأذان الثاني " انتهى.

"فتاوى نور على الدرب" (١٨٨ / ١٥) ، وينظر: فتاوى الشيخ رحمه الله (١٣ / ٨٤٧) .

والخلاصة: أنه لا يجوز لك أن تستمع للخطبة في منزلك، وتذهب إلى الصلاة بعد انتهائها، لأن الخطبة شرط في صلاة الجمعة، ثم إن هذا يفوت عليك أجر التبكير إلى صلاة الجمعة، ويضيع عليك ساعات الأجر التي جعلها الله لمن يبكر لصلاة الجمعة.

راجع إجابة السؤال رقم: (٦٠٣١٨) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>