للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا كان الجاهل معذورا فهل يترك على جهله؟

[السُّؤَالُ]

ـ[قرأت السؤال رقم ١١١٣٦٢ الذي يوضح قول الشيخ ابن عثيمين في العذر بالجهل، وعليه، فهل إقامة الحجة بالعلم على الناس غير جائز بحيث يتركون لجهلهم أفضل حتى لا تقوم عليهم الحجة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

العذر بالجهل من المسائل الاجتهادية التي حصل فيها نزاع بين العلماء، فمنهم من يطلق القول بعذر الجاهل، ومنهم من يقيد ذلك ببعض المسائل، وتفصيل ذلك لا يتسع له الجواب.

ثانيا:

ليس هناك أحد من أهل العلم القائلين بعذر الجاهل، يرى أن يترك الجاهل دون دعوة أو تعليم، وذلك لتظاهر الأدلة على وجوب نشر الدين، وتعليم الجاهلين، وإقامة الحجة على المكلفين، قال تعالى: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) الأنعام/١٩، وقال سبحانه: (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) التوبة/١٢٢، وقال: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل/١٢٥.

وقال صلى الله عليه وسلم: (بَلِّغُوا عَنِّى وَلَوْ آيَةً) رواه البخاري (٣٤٦١) .

وأرسل النبي صلى الله عليه أصحابه معلمين ومبشرين ومنذرين، ولو كان ترك الناس لجهلهم سائغا، لما بعثت الرسل، ولا أنزلت الكتب، ولا كلف الدعاة.

فليس لأحد أن يتوهم أن ترك الجهال على جهلهم جائز، فإن هذا لا يقوله عاقل فضلا عن عالم، وكون الله تعالى قد يعذر الجاهل الذي لم يفرط، لا يعني أن يترك العالم ما أُمر به من التبليغ والبيان.

قال الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ) آل عمران/١٨٧.

وينبغي أن يعلم أن الجاهل إذا وجد من يعلمه، فقصر وفرط، كان آثما لتركه تعلم ما يجب عليه، ولم يكن معذوراًً، سواء كان ذلك في أمر العقيدة، أو العبادة، أو المعاملة، ولهذا ذم الله تعالى أهل الغفلة الذين يعلمون أمر دنياهم، ويجهلون أمر دينهم، فقال: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) الروم/٧، وذم المقلدين الذين يتركون ما جاءهم من العلم والهدى، ويقولون إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>