للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اقترفت المحرم مع شخص بدعوى المساعدة

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا والحمد لله فتاة على خلق، ومن عيوبي أنى أحب الناس أكثر من المطلوب، فلا أستطيع أن أرى أحدا يتألم بدون أن أشاركه في الألم، وأشاركه في العلاج، ومعي في العمل شاب مريض بمرض جنسي، فتقربت منه وتقرب منى لأزيل عنه الألم، وحاولت مساعدته ولكن بدون أن يلمس شرفي، أنا أعلم أن هذا حرام، ولكن هل هذا زنا؟ وكيف أتصرف مع هذا الشاب مع أنه طوال اليوم معي في العمل؟

ومع العلم أنى استغفرت الله على ما فعلت وأنا الآن أصوم كل اثنين وخميس وأصلي فأتمنى من الله أن يسامحني فأنا الآن في حيرة لا أعلم إذا كان الله سامحني أم ماذا؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لا شك أنك وقعت في خطأ عظيم، بل في جملة من الأخطاء، ابتداء من كلامك مع هذا الرجل في هذه الأمور الجنسية، وانتهاء بما فعلت لعلاجه. وقد استدرجك الشيطان، وأوقعك في الشر وخدعك وصَوَّر لك ذلك بأنه من مساعدة الآخرين والإحسان إليهم!!

ومهما كان الإنسان رقيق القلب، مرهف الحس تجاه الآخرين، فهناك حدود لا يمكن تجاوزها.

ويفهم من كلامك أنك تعملين في مكان تختلطين فيه بالرجال، وهذا بداية الشر. ولعل هذا مثال على مفاسد اختلاط المرأة بالرجل في العمل. راجع السؤال رقم (١٢٠٠) ، (٦٦٦٦) .

واعلمي أنه لا ينبغي للمرأة أن تتحدث مع الرجال إلا فيما تدعو الحاجة إليه، مع الحشمة والوقار، وعدم الخضوع بالقول، كما قال الله تعالى: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) الأحزاب/٣٢.

فإذا كان الخضوع بالقول (وهو لين الكلام وترقيقه) منهيا عنه، فكيف بكلام المرأة مع الرجل في "الجنس" وأمراضه؟!

فالواجب عليك أن تسعي لترك هذا العمل المختلط، وأن تقطعي كل صلة بهذا الرجل، الذي بلاؤه في دينه أعظم من بلائه في جسده.

وأما هل يدخل تصرفك هذا في الزنا أم لا؟ فجوابه ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري (٥٧٤٤) ومسلم (٤٨٠١) عن أبي هريرة: (إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه) .

قال النووي:

مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ اِبْن آدَم قُدِّرَ عَلَيْهِ نَصِيب مِنْ الزِّنَا , فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُون زِنَاهُ حَقِيقِيًّا بِإِدْخَالِ الْفَرْج فِي الْفَرْج الْحَرَام , وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُون زِنَاهُ مَجَازًا بِالنَّظَرِ الْحَرَام أَوْ الاسْتِمَاع إِلَى الزِّنَا وَمَا يَتَعَلَّق بِتَحْصِيلِهِ , أَوْ بِالْمَسِّ بِالْيَدِ بِأَنْ يَمَسّ أَجْنَبِيَّة بِيَدِهِ , أَوْ يُقَبِّلهَا , أَوْ بِالْمَشْيِ بِالرِّجْلِ إِلَى الزِّنَا , أَوْ الْحَدِيث الْحَرَام مَعَ أَجْنَبِيَّة , وَنَحْو ذَلِكَ. فَكُلّ هَذِهِ أَنْوَاع مِنْ الزِّنَا الْمَجَازِيّ , وَالْفَرْج يُصَدِّق ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبهُ. مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ يُحَقِّق الزِّنَا بِالْفَرْجِ , وَقَدْ لا يُحَقِّقهُ. وَاَللَّه أَعْلَم اهـ باختصار.

لكن من رحمة الله بعباده أن فتح لهم بابا إلى التوبة والمغفرة فقال: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) طه / ٨٢. وقال: (وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً) الفرقان/٧١.

وقد ذكرت أنك تبت إلى الله، فأكثري من فعل الصالحات لعل الله أن يتجاوز عنك، ومن توبتك أن تقاطعي هذا الرجل مقاطعة تامة، وأن تطلبي الانتقال عن محل عمله، بل الانتقال عن العمل المختلط كله كما سبق.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>