هل تتزوج مسلماً أهله كاثوليك؟ هل يُنسب أولادها لقومه الكفار؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف إذا تزوج مسلم تحول حديثا للإسلام هل يهم إذا كانت عائلته كاثوليكية؟ أيضا بعد الزواج هل يأخذ الأطفال الاسم الأخير للأب حيث إنه غير مسلم؟ أرجوكم انصحوني.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
حرَّم الإسلام على المرأة التزوج بغير مسلم، وهو أمرٌ متفق عليه لا خلاف بين العلماء في هذا الحكم.
قال القرطبي – رحمه الله -:
وأجمعت الامة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه؛ لِما في ذلك من الغضاضة على الإسلام.
" تفسير القرطبي " (٣ / ٧٢) .
وينظر أجوبة الأسئلة: (٦٩٧٥٢) و (٦٤٠٢) و (٢٢٤٦٨) .
ويجوز للمسلمة أن تتزوج مسلماً هداه الله للإسلام بعد أن كان كافراً، ولا يهم أن تكون أسرته كاثوليكية أو غيرها من مذاهب وأديان الكفر، ولا يهم ـ كذلك ـ ما إذا كانت هدايته للإسلام قديمة، أو كان قد دخل في الإسلام لتوه؛ لكن المهم ـ كل الأهمية حقا ـ أن يكون إسلامه حقيقيّاً لا صوريّاً من أجل الزواج بمسلمة؛ حيث وُجد من يُظهر دخوله في الإسلام عن اقتناع ويكون الحال خلاف ذلك، فإن عُلم هذا الحال منه: فلا تجري على مثل هذا أحكام الإسلام.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -:
لا بد أن تفهم الكلمة وتعقلها، " لا إله إلا الله " أفضل الكلام , وهي أصل الدين، وأساس الملة، وهي التي بدأ بها الرسل عليهم الصلاة والسلام أقوامهم، فأول شيء بدأ به الرسول قومه أن قال قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا , قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) الأنبياء/٢٥، وكل رسول يقول لقومه: (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) فهي أساس الدين والملة، ولا بد أن يعرف قائلها معناها , فهي تعني أنه لا معبود بحق إلا الله، ولها شروط وهي: العلم بمعناها، واليقين وعدم الشك بصحتها، والإخلاص لله في ذلك وحده، والصدق بقلبه ولسانه، والمحبة لما دلت عليه من الإخلاص لله، وقبول ذلك، والانقياد له، وتوحيده ونبذ الشرك به مع البراءة من عبادة غيره , واعتقاد بطلانها، وكل هذا من شرائط قول لا إله إلا الله وصحة معناها، يقولها المؤمن والمؤمنة مع البراءة من عبادة غير الله، ومع الانقياد للحق، وقبوله، والمحبة لله، وتوحيده، والإخلاص له، وعدم الشك في معناها؛ فإن بعض الناس يقولها وليس مؤمناً بها كالمنافقين الذين يقولونها وعندهم شك أو تكذيب.
فلا بد من علم، ويقين، وصدق، وإخلاص، ومحبة، وانقياد، وقبول، وبراءة.
" فتاوى الشيخ ابن باز " (٣ / ٤٩، ٥٠) .
وانظر تفصيل شروط شهادة (لا إله إلا الله) بأدلتها في جوابي السؤالين: (٩١٠٤) و (١٢٢٩٥) .
ثانياً:
وبعد زواج المسلمة بمسلم فإن أولادهما يُنسبون إلى أبيهم، ولا يجوز غير ذلك، حتى لو كان أهله كفاراً، فهذا نسبٌ تُبنى عليها أحكام كثيرة كصلة الرحم والمواريث وتحريم أو إباحة الزواج، وغير ذلك، ولذا فلا يجوز نسبة الابن المسلم لغير أبيه وأسرته، وقد جاءت النصوص النبوية بالتشديد في هذا الأمر، وجعل مخالفه واقعاً في كبيرة من كبائر الذنوب.
عن سعد بن أبي وقاص وأبي بكرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن ادَّعَى أَباً فِي الإِسْلامِ غَيْرَ أَبيهِ يَعْلَمُ أنَّه غَيْرُ أَبِيهِ فالجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ) .
رواه البخاري (٤٠٧٢) ومسلم (٦٣) .
وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لَيْسَ مِن رجل ادعى لِغَيْرِ أَبيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَاّ كَفَرَ، وَمَن ادَّعَى قَوْماً لَيْسَ لَهُ فِيهِم نَسَبٌ فَلْيَتَبوأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) .
رواه البخاري (٣٣١٧) ومسلم (٦١) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:
وفي الحديث: تحريم الانتفاء من النسب المعروف، والادعاء إلى غيره.
" فتح الباري " (١٠ / ٣٠٨) .
ولا يُعرف في الأنبياء والصحابة والتابعين وأهل العلم من غيَّر نسبه من أجل كون آبائه أو أجداده كفَّاراً! بل لا يفعل ذلك عاقل؛ لما يترتب على ذلك من أمورٍ منكرة.
ولو تأمل أحدٌ كتب التراجم فسيجد أسماء أعجمية لآباء وأجداد كثير من علماء المسلمين؛ حيث منَّ الله على الأبناء بالإسلام وظلَّ أهاليهم على الكفر، ولم يتغير نسب هؤلاء العلماء لأهاليهم وقبائلهم مع وجود الأعجمية في الأسماء، والكفر في الأديان.
ولمَّا حرَّم الشرع التبني حرَّم نسبة المتبنّى لغير أبيه وقبيلته، قال تعالى: (ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ) الأحزاب/٥.
وفي حال عدم معرفة الأب لكونه لقيطاً – مثلاً – فإنه لا ينسب لأحدٍ بعينه، بل يُدعى بالأخوة والمولاة، كما قال تعالى في تتمة الآية السابقة: (فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ) .
ومن الأشياء المنكرة التي تبع فيها بعض المسلمين أهلَ الكفر هو نسبة الزوجة لزوجها! وهذا أمرٌ محرَّم ومنكر، بل يجب أن تنسب لأبيها.
وقد بيَّنا حكم انتساب الزوجة لغير أبيها في أجوبة الأسئلة رقم: (٢٥٣٧) و (١٩٤٢) و (٤٣٦٢) و (٦٢٤١) .
والخلاصة:
يجوز للمسلمة التزوج بمسلم أسلم حديثاً إذا كان إسلامه عن صدق ويقين، ولا يهم كون أهله على أي مذهب كفري، ويجب أن يُنسب الأبناء لأبيهم المسلم وآبائه وأجداده ولو كانوا كفّاراً، ولا يجوز غير ذلك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب