للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث: (إذا رأيتم الرجل يتعاهد المسجد فاشهدوا له بالإيمان) لا يصح

[السُّؤَالُ]

ـ[ما صحة هذا الحديث: (من رأيتموه يرتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان) ؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَتَعَاهَدُ الْمَسْجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالإِيمَانِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ) الآيَةَ) رواه الترمذي (٢٦١٧) ، وأحمد في مسنده (٢٧٣٢٥) ، وغيرهما، جميعهم من طريق دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد به.

وهذا إسناد ضعيف، علَّتُه: دراج بن سمعان أبو السمح القرشي: قال الدارقطني: ضعيف. وخص الإمام أحمد وأبو داود تضعيفه في الأحاديث التي يرويها عن أبي الهيثم، كما في هذا الحديث. انظر "تهذيب التهذيب" (٣/٢٠٩) .

ولذلك قال الترمذي عقب روايته الحديث: غريب حسن، وقال في الموضع الثاني: حسن غريب.

وقال العلامة علاء الدين مغلطاي: " هذا حديث ضعيف الإسناد " انتهى.

"شرح سنن ابن ماجه" (١/١٣٤٥) .

ولما صحح الحاكم الحديث في "المستدرك" تعقبه الذهبي بقوله: " دراج كثير المناكير " انتهى.

قال الشيخ الألباني رحمه الله:

" ليس بصحيح ولا حسن الإسناد؛ لأنه من طريق دراج أبي السمح عن أي الهيثم عن أبي سعيد، ودراج هذا قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق في حديثه عن أبي الهيثم ضعف "

ولذلك تعقب الذهبيُّ الحاكمَ بقوله: " قلت: درَّاج كثير المناكير " " انتهى.

"تمام المنة" (ص/٢٩١) .

وجاء تضعيفه أيضا في فتوى للجنة الدائمة (٤/٤٤٤) ، وضعفه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "شرح رياض الصالحين"، وسبق نشر ذلك في موقعنا في جواب السؤال رقم: (٣٤٥٩٣) ، وقد أشار الحافظ ابن رجب إلى أن متن الحديث فيه ما ينكر أيضا، لأنه لا يشهد لأحد بالإيمان، وإنما يشهد بالإسلام، لأن الإسلام وصف الظاهر، وأما الإيمان فهو وصف الباطن.

كما في حديث سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً هُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا. فَقَالَ: أَوْ مُسْلِمًا فَسَكَتُّ قَلِيلاً، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ، فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا. فَقَالَ: أَوْ مُسْلِمًا. ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ، فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، وَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: يَا سَعْدُ! ، إِنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ) رواه البخاري (٢٧) ومسلم (١٥٠) .

يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله:

" والظاهر - والله أعلم - أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر سعدا عن الشهادة بالإيمان؛ لأن الإيمان باطن في القلب، لا اطلاع للعبد عليه، فالشهادة به شهادة على ظن، فلا ينبغي الجزم بذلك، كما قال: " إن كنت مادحا لا محالة فقل: أحسب فلانا كذا، ولا أزكي على الله أحدا ".

وأمره أن يشهد بالإسلام لأنه أمر مطلع عليه، كما في " المسند " عن أنس مرفوعا: " الإسلام علانية، والإيمان في القلب ". – قال الشيخ الألباني: منكر. "السلسلة الضعيفة" (٦٩٠٦) -

ولهذا كره أكثر السلف أن يطلق الإنسان على نفسه أنه مؤمن، وقالوا: هو صفة مدح، وتزكية للنفس بما غاب من أعمالها، وإنما يشهد لنفسه بالإسلام لظهوره.

فأما حديث: (إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان) : فقد خرجه أحمد، والترمذي، وابن ماجه، من حديث دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد مرفوعا. وقال أحمد: هو حديث منكر، ودراج له مناكير " انتهى.

"فتح الباري" (١/١٢٢) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>