هل يتزوج من فتاة تصر على التبرج مع أن أخلاقها حسنة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم قادر على الزواج التقيت بشابة ذات أخلاق حسنة ولكنها متبرجة. ما حكم الشرع إن تزوجت بها وهي مصرة على التبرج؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
رغب النبي صلى الله عليه وسلم في نكاح ذات الدين فقال: (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ) رواه البخاري (٥٠٩٠) ومسلم (١٤٦٦) .
وقال صلى الله عليه وسلم: (الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ) رواه مسلم (١٤٦٧) . فمن فاته المرأة الصالحة فاته خير متاع الدنيا، خير من المال والولد والمنصب. . . . إلخ.
وهذا باعث للمسلم أن يحرص على ذات الدين والخلق ويقدمها على كل ما سواها، وألا يفرط ويتساهل في خير متاع الدنيا.
والمرأة الصالحة هي التي تقوم بحق الله تعالى، وحق الناس، وأعظم الناس حقا عليها هو زوجها.
والإصرار على المعصية شر من المعصية نفسها، لأنه يدل على ضعف الإيمان، والاستهانة بتعظيم الله تعالى، وقلة مبالاة المرء بما يضره في دينه.
ثانياً:
التبرج مع كونه معصية وإثما، فهو دليل على سوء خلق المرأة وقلة حيائها؛ إذ كيف ترضى المرأة العفيفة الحييّة أن ينظر الناس إليها، ويستمتعوا بمحاسنها؟!
لكن لضعف الإيمان وغلبة الهوى لا تشعر المتبرجة بسوء فعلها، كما قال الله تعالى: (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الأنعام/٤٣، وكثير من المتبرجات إذا أنعم الله عليهن بالهداية، استعظمن ما كُنَّ عليه من قلة الحياء وموت الغيرة.
وقد جاء في شأن التبرج من الوعيد، ما هو معروف مشهور، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا) رواه مسلم (٢١٢٨) .
وقوله صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ) رواه أبو داود (٤١٧٣) والترمذي (٢٧٨٦) والنسائي (٥١٢٦) وحسنه الألباني في صحيح النسائي.
وهذا الذنب يتكرر بتكرار الفعل المحرم، وبه يُنكت في القلب نكتة سواء، حتى يسود القلب ويظلم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)) رواه الترمذي (٣٣٣٤) وابن ماجة (٤٢٤٤) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
واعلم أيها الأخ الكريم أن الزواج من المصرة على التبرج يعني أحد أمرين:
الأول: أن يرضخ الزوج لها، ويسكت عن منكرها، فيبوء بالإثم الكبير في الآخرة، والعار في الدنيا، فإنه راعٍ ومسئول عن رعيته.
وكيف يرضى رجل عاقل أن يسير مع امرأته في الشارع وهي متبرجة، والرجال من حوله ينظرون إليها ويستمتعون بها؟!!
والثاني: أن يظل معها في خلاف وصراع، وشد وجذب، وهذا كدر وبلاء لا يرضاه العقلاء، فالسلامة السلامة، فإن السلامة لا يعدلها شيء، وابحث عن ذات الدين، ففي الصالحات غنى وكفاية والحمد لله، والمرأة الصالحة خير متاع الدنيا، تعين على الطاعة، وتذكر بالمعروف، وتحفظ زوجها في نفسها وماله، وتربي له ذرية صالحة تعبد الله.
نسأل الله لك التوفيق والخير والرشاد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب