للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استئجار من يصوم كفارة القتل الخطأ عن الميت

[السُّؤَالُ]

ـ[الأول: توفي أبي قبل فترة من الزمن في حادث انقلاب السيارة ومعه شخص آخر وأبي هو صاحب السيارة ولم نعرف من هو السائق أثناء الحادث وقد توفي معه الشخص الآخر وقد وجدا خارج السيارة أثناء الحادث ولا نعرف سبب الحادث هل هو خلل في السيارة أم انفجار أحد الإطارات. المطلوب: ١) هل على أبي كفارة أم لا؟ ٢) إذا كان عليه كفارة هل يوجد عتق رقبة في الوقت الحاضر؟ وكيف نحصل عليه لأنه لدينا المقدرة على دفع المبلغ؟ ٣) إذا لم يوجد عتق رقبة ولم يستطع أحد الورثة الصوم عنه شهرين, هل يمكن توزيعها بينهم مثلاً كل شخص يصوم ١٠ أيام متواصلة ثم يكمل الآخر حتى تتم الشهرين؟ ٤) هل يمكن طلب من شخص موثوق فيه الصوم شهرين متتابعين مع دفع له مبلغ يتفق عليه؟ السؤال الثاني: توفي أخي قبل فترة من الزمن في حادث سيارة، وقد توفي شخص آخر في السيارة وقد قرر المرور الخطأ على أخي بنسبة ٧٥ %. هل على ورثته كفارة أم لا؟ وما هي الكفارة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

تجب الكفارة والدية في حال تفريط السائق، كعدم التزامه بالسرعة المحددة، أو إهماله في فحص السيارة وإصلاح خللها، وأما ما حدث بغير تفريط منه كانفجار الإطار الصالح فجأة، فلا ضمان عليه فيه ولا كفارة.

وحيث إنه لا يُعرف سبب انقلاب سيارة والدك، كما لا يعرف سائقها وقت الحادث، فلا يلزم والدك شيء، إلا إن صدر حكم بوجوب الدية عليه ممن عرف الحادث وملابساته.

وينبغي لكم مراجعة المحكمة الشرعية في ذلك.

ثانيا:

إذا كان المرور قد قرر الخطأ على أخيك بنسبة ٧٥% فعليه كفارة قتل الخطأ، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) إلى قوله سبحانه: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) النساء/٩٢

وحيث إن أخاك مات في الحادث، فإن أمكن إيجاد رقبة مؤمنة، فيلزمكم أن تخرجوا من تركته ما تشترى به هذه الرقبة، ثم تعتق.

وهذا موجود الآن ولكنه قليل أو نادر، ويمكنك سؤال الجمعيات الخيرية عن ذلك، فبعضها يقوم بشراء العبيد وإعتاقهم في بلدانهم، وإذا لم يمكن العثور على رقبة مؤمنة، فلا يلزمكم الصيام عنه، لكن لو تبرع أحدكم بالصيام عنه، فهذا حسن، ونافع بإذن الله، ولا يجوز أن يشترك أكثر من واحد في الصيام، بل يصوم الشهرين المتتابعين شخص واحد.

والأصل أن يقوم بالصيام أحد أقاربه، ولا حرج أن يصوم غير القريب، وينبغي أن يكون تبرعا بلا أجرة.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (٢١/٣٢٤) : " إذا كان الواقع من والدك ما ذكرت فإن عليه كفارة قتل الخطأ، وهي عتق رقبة مؤمنة فإن لم توجد فصيام شهرين متتابعين؛ لقول الله سبحانه وتعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) إلى قوله سبحانه: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) .

وما دام توفي ولم يؤد ما وجب عليه فإنه يجب على وليه شراء رقبة مؤمنة من تركته وإعتاقها عنه، فإن لم يوجد في التركة ما يفي بذلك، أو لم توجد رقبة فإنه يستحب لوليه أن يصوم عنه شهرين متتابعين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صوم صام عنه وليه) متفق على صحته " انتهى.

وجاء فيها (٢١/٢٨٩) أيضا، فيمن وجبت عليه كفارة قتل الخطأ لكونه صدم امرأة وماتت، ثم مات هو قبل أن يكفّر: " صيام الشهرين الذي كان واجبا على أخيك كفارة عن قتل الخطأ لكنه مات قبل أن يتمكن من أدائه يكون باقيا في ذمته، ولا يلزم أحدا أن يصوم عنه، لا أولاده ولا غيرهم، ولكن من تبرع بذلك وصام عنه فله الأجر، وتبرأ به ذمة الميت إن شاء الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صوم صام عنه وليه) متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها، والولي هو القريب " انتهى.

وجاء فيها (٢١/٣٢٦) : " ولا يجوز أن يشترك في صيام الكفارة الواحدة أكثر من واحد، وإنما المشروع أن يتولى الكفارة الواحدة شخص واحد " انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " مسألة: هل يلزم إذا قلنا بالقول الراجح إن الصوم يشمل الواجب بأصل الشرع، والواجب بالنذر - أن يقتصر ذلك على واحد من الورثة؛ لأن الصوم واجب على واحد؟ الجواب: لا يلزم؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: (صام عنه وليه) مفرد مضاف فيعم كل ولي وارث، فلو قدر أن الرجل له خمسة عشر ابنا، وأراد كل واحد منهم أن يصوم يومين عن ثلاثين يوما فيجزئ. ولو كانوا ثلاثين وارثا وصاموا كلهم يوما واحدا فيجزئ لأنهم صاموا ثلاثين يوما، ولا فرق بين أن يصوموها في يوم واحد أو إذا صام واحد صام الثاني اليوم الذي بعده، حتى يتموا ثلاثين يوما.أما في كفارة الظهار ونحوها فلا يمكن أن يقتسم الورثة الصوم لاشتراط التتابع، ولأن كل واحد منهم لم يصم شهرين متتابعين. وقد يقول قائل: يمكن بأن يصوم واحد ثلاثة أيام، وإذا أفطر صام الثاني ثلاثة أيام وهلم جرا حتى تتم؟ فيجاب بأنه لا يصدق على واحد منهم أنه صام شهرين متتابعين، وعليه فنقول: إذا وجب على الميت صيام شهرين متتابعين، فإما أن ينتدب له واحد من الورثة ويصومها، وإما أن يطعموا عن كل يوم مسكينا " انتهى من "الشرح الممتع" (٦/٤٥٢) .

وإن لم تجدوا من يصوم إلا بأجرة فلا حرج، قال في "مغني المحتاج" (٢/١٧٣) : " لو صام أجنبي بإذن الولي أي القريب، أو بإذن الميت بأن أوصى به، سواء أكان بأجرة أم لا، صح قياسا على الحج " انتهى بتصرف.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>