للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم صلاة المأموم إذا سلم قبل إمامه

[السُّؤَالُ]

ـ[إذا سلم المأموم قبل الإمام سهوا أو عمدا ما الحكم؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

إذا سلم المأموم قبل إمامه: فإن كان عمدا بلا عذر بطلت صلاته. وإن كان سهوا، لزمه أن يرجع إلى الصلاة ويسلم بعد تسليم إمامه، فإن لم يفعل بطلت صلاته.

قال في "كشاف القناع" (١/٤٦٥) : " وإن سلم قبله عمدا بلا عذر تبطل ; لأنه ترك فرض المتابعة متعمدا، ولا تبطل إن سلم قبل إمامه سهوا , فيعيده، أي: السلام بعد سلام إمامه ; لأنه لا يخرج من صلاته قبل إمامه، وإن لم يعده بعده بطلت صلاته ; لأنه ترك فرض المتابعة أيضا " انتهى بتصرف.

وأما من تعمد السلام قبل الإمام لعذر، فلا تبطل صلاته، ويحسن هنا أن نذكر شيئا من الأعذار التي تبيح للمأموم أن ينفرد عن أمامه وأن يسلم قبله:

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " مثال العُذْر: تطويل الإمام تطويلاً زائداً على السُّنَّة، فإنه يجوز للمأموم أن ينفرد، ودليل ذلك: قصَّة الرَّجُل الذي صَلَّى مع معاذ، وكان معاذ يُصلِّي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاءَ، ثم يرجع إلى قومه فيُصلِّي بهم تلك الصَّلاة، فدخل ذات ليلة في الصَّلاة فابتدأ سُورةً طويلة (البقرة) فانفرد رَجُلٌ وصَلَّى وحده، فلما عَلِمَ به معاذ قال: إنه قد نافق، يعني: حيث خرج عن جماعة المسلمين، ولكن الرَّجُل شكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: (أتريدُ أنْ تكون فتَّاناً يا مُعَاذُ) ولم يوبِّخِ الرَّجُلَ، فَدلَّ هذا على جواز انفراد المأموم؛ لتطويل الإمام، لكن بشرط أن يكون تطويلاً خارجاً عن السُّنَّة؛ لا خارجاً عن العادة.

ولذلك لو أمَّ رَجُلٌ جماعةً؛ وكان إمامُهم الرَّاتب يُصلِّي بهم بقراءة قصيرة ورُكوع وسُجود خفيفين؛ فصلَّى بهم هذا بقراءة ورُكوعٍ وسُجودٍ على مقتضى السُّنَّة، فإنه لا يجوز لأحد أن ينفرد؛ لأن هذا ليس بعذر.

ومن الأعذار أيضا ً: أن يطرأ على الإنسان قَيْئٌ في أثناء الصَّلاة؛ لا يستطيع أن يبقى حتى يكمل الإمام؛ فيخفِّف في الصَّلاة وينصرف.

ومن الأعذار أيضاً: أن يطرأ على الإنسان غازاتٌ (رياح في بطنه) يَشُقُّ عليه أن يبقى مع إمامه، فينفرد ويخفِّف وينصرف.

ومن الأعذار أيضاً: أن يطرأ عليه احتباسُ البول أو الغائط، فيُحصر ببول أو غائط.

لكن إذا قُدِّرَ أنه لا يستفيد من مفارقة الإمام شيئاً؛ لأن الإمام يخفِّف، ولو خفَّف أكثر من تخفيف الإمام لم تحصُل الطُّمأنينة فلا يجوز أن ينفردَ؛ لأنه لا يستفيد شيئاً بهذا الانفراد.

ومن الأعذار أيضاً: أن تكون صلاة المأموم أقلَّ من صلاة الإمام، مثل: أن يُصلِّي المغرب خلف من يصلِّي العشاء على القول بالجواز؛ فإنه في هذه الحال له أن ينفرد ويقرأ التشهد ويُسَلِّمَ وينصرف، أو يدخل مع الإمام إذا كان يريد أن يجمع مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء، ثم يُتمُّ بعد سلامه. وهذا القولُ رواية عن الإمام أحمد رحمه الله، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو الحقُّ، ونوعُ العُذر هنا عُذر شرعيّ؛ لأنَّه لو قام مع الإمام في الرَّابعة لبطلت صلاتُه " انتهى من "الشرح الممتع" (٢/٣١١) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>