هل لبس الغترة في بلد لا يعتاد الناس لبسها فيه يكون من لباس الشهرة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في مصر لا يلبس الغترة إلا المشايخ فهل لو لبستها يكون لباس شهرة؟ وإذا كانت الإجابة: نعم، فلماذا تكون جائزة للمشايخ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روى أبو داود (٤٠٢٩) وابن ماجة (٣٦٠٧) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ، ثُمَّ تُلَهَّبُ فِيهِ النَّارُ) حسنه الألباني في "صحيح أبي داود".
قال السندي:
"أَيْ: مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا يَقْصِد بِهِ الِاشْتِهَار بَيْن النَّاس، سَوَاء كَانَ الثَّوْب نَفِيسًا يَلْبَسهُ تَفَاخُرًا بِالدُّنْيَا وَزِينَتهَا، أَوْ خَسِيسًا يَلْبَسهُ إِظْهَارًا لِلزُّهْدِ وَالرِّيَاء" انتهى.
وقال في "عون المعبود":
" قَالَ اِبْن الْأَثِير: الشُّهْرَة ظُهُور الشَّيْء، وَالْمُرَاد: أَنَّ ثَوْبه يَشْتَهِر بَيْن النَّاس لِمُخَالَفَةِ لَوْنه لِأَلْوَانِ ثِيَابهمْ، فَيَرْفَع النَّاس إِلَيْهِ أَبْصَارهمْ، وَيَخْتَال عَلَيْهِمْ بِالْعُجْبِ وَالتَّكَبُّر" انتهى.
فالذي ينبغي للمسلم أن يلبس ما اعتاده أهل بلده من الثياب، ما دام هذا اللباس حلالاً.
عن عدي بن الفضل قال: قال لي أيوب: "اُحْذُ (يعني: اصنع) نعلين على نحو حذو نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ففعلت، فلبسها أياما ثم تركها، فقلت له في ذلك فقال: لم أر الناس يلبسونها" انتهى.
"التواضع والخمول" (ص٨٦) .
وقال حصين بن عبد الرحمن: كان زبيد اليامي يلبس برنسا، قال: فسمعت إبراهيم النخعي عابه عليه، قال: فقلت له: إن الناس كانوا يلبسونها، قال: أجل! ولكن قد فني من كان يلبسها، فإن لبسها أحد اليوم شهروه وأشاروا إليه بالأصابع.
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٥/٢٠٥) .
وعن سفيان الثوري قال: كانوا يكرهون الشهرتين: الثياب الجياد التي يشتهر فيها ويرفع الناس إليه فيها أبصارهم، والثياب الرديئة التي يحتقر فيها ويستذل دينه.
"التواضع والخمول" (ص ٨٨) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (٦/١٣٦-١٣٧) :
"لُبْسُ الأَْلْبِسَةِ الَّتِي تُخَالِفُ عَادَاتِ النَّاسِ مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ شُهْرَةٍ، أَيْ مَا يَشْتَهِرُ بِهِ عِنْدَ النَّاسِ وَيُشَارُ إِلَيْهِ بِالأَْصَابِعِ، لِئَلَاّ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا إِلَى حَمْلِهِمْ عَلَى غَيبَتِهِ، فَيُشَارِكَهُمْ فِي إِثْمِ الْغِيبَةِ" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "هذا هو السنة، أن الإنسان يلبس ما يلبسه الناس، لأن هذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك نهى عن لباس الشهرة، ولباس الشهرة أن الإنسان يلبس ما يشتهر به بين الناس من أنواع الألبسة المباحة" انتهى.
"شرح الأصول من علم الأصول" (ص٤٠٥) .
والمعروف عن أهل مصر أنهم لا يلبسون الغترة، وإنما يلبسها أهل الجزيرة العربية والعراق والشام، فعليك بموافقة ما اعتاده أهل بلدك.
ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.
ولمزيد الفائدة انظر جواب السؤال رقم: (١٠٤٢٥٧) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب