للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم قول: (يا من أمره بين الكاف والنون)

[السُّؤَالُ]

ـ[نرجو معرفة حكم قول: (يا من أمره بين الكاف والنون) ؟ وخاصة أنها كَثُرت على ألسنة الدعاة، فما حكمها؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

هذا القول قد انتشر على ألسنة بعض الخطباء، وهم يريدون بذلك أن ما أمر الله به يقع فوراً، ولا يتأخر وقوعه، وهو معنى صحيح بلا شك، قال الله تعالى: (وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) القمر/٥٠.

ولكن هذا اللفظ عند التأمل نجده غير صحيح، ومخالفاً لما دل عليه القرآن.

ولعل هذه العبارة مقتبسة من أبيات لأبي محمد التيمي، وهي قوله:

لا تخضعنّ لمخلوق علي طمعٍ فإن ذلك مُضرّ منك في الدينِ

واسترزقِ الله مما في خزائنه فإنما الأمر بين الكاف والنون

إن الذي أنت ترجوه وتأمله من البرية مسكينُ ابن مسكين

"رسائل الثعالبي" (ص٢٩) ، "الأغاني" (٢٠/٧٠) .

قال الله عز وجل: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) البقرة/١١٧.

وقال تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) آل عمران/٥٩.

وقال سبحانه: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) النحل/٤٠

وهذا يعني أن الأمر لا يتم إلا بعد قوله تعالى: (كن) ، أما قبل النون فلم يتم الأمر من الله للشيء، فلا يكون حتى يأمره الله.

قال الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى:

" اشتهر بين العوام أنهم يقولون: (يا من أمره بين الكاف والنون) وهذا خطأ، ليس أمر الله بين الكاف والنون، بل بعد الكاف والنون؛ لأن الله قال: (كُنْ فَيَكُونُ) البقرة/١١٧.

متى؟ بعد "كن". فقولهم: "بين الكاف والنون" خطأ، يعني: ما تم الأمر بين الكاف والنون، لا يتم الأمر إلا بالكاف والنون، لكنه بعد الكاف والنون فوراً كلمحٍ بالبصر ". انتهى."الباب المفتوح" (١٨٦/١٠) .

وقال أيضاً في "شرح الأربعين النووية" (ص ٦٥) :

" أود أن أنبه على كلمة دارجة بين العوام: (يا من أمره بين الكاف والنون) ، وهذا غلط عظيم، الصواب: (يا من أمره - مأموره - بعد الكاف والنون) ، لأن ما بين الكاف والنون ليس أمراً، الأمر لا يتم إلا إذا جاءت الكاف والنون، لأن الكاف المضمومة ليس أمراً، والنون كذلك، لكن باجتماعهما تكون أمراً.

فالصواب أن تقول: (يا من أمره - مأموره - بعد الكاف والنون) " انتهى.

فالذي ينبغي للخطباء والدعاة ألا يتعجلوا في قول شيء حتى يتأكدوا من صوابه، إما بالبحث بأنفسهم، وإما بسؤال أهل العلم.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>