للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

علق الطلاق على أمر واستثنى منه شيئا بالنية

[السُّؤَالُ]

ـ[أقيم في دولة عربية للعمل بينما تقيم زوجتي وبناتي الاثنتين مع أهلي في بلدي حيث يقوم والدي بالاعتناء بهم. قلت للوالد عبر الهاتف وأنا غاضب (أبلغ زوجتي أنها إذا لم تفعل كذا في الموعد كذا ستكون طالقاً) وكنت أعني الطلاق لا التهديد. وبعد مدة اتصلت به وسألته هل فعلت قال (لا) لأنني أمرتها ألا تفعل لأن ذلك سيضر بالبنات وبوالدتي فقلت له لقد كسرت يميني يا أبي، مع العلم بأن ما قلته في الفعل الذي يوقع الطلاق يستثنى منه في النية بصفة عامة (ما يغضب الله ورسوله ويخالف القوانين ويعترض عليه الوالدان) ولكني لم أقل ذلك.

وتم مراجعة السائل: هل نوى استثناء ما يعترض عليه الوالدان فعلا؟

فأفاد بأنه بار بأبيه ومطيع له، ولو كان والده اعترض على هذا الكلام لنزل على رغبة أبيه، غير أن أباه كان موافقاً له فيما يقول، ثم غيَّر رأيه فيما بعد.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

قولك عن زوجتك: إذا لم تفعل كذا فهي طالق، هو من الطلاق المعلق الذي يقع عند تحقق الشرط، عند جمهور الفقهاء، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إن نوى بذلك الطلاق فهو طلاق، وإن نوى التهديد أو الحث أو المنع من الفعل، فهو يمين، تلزم فيه كفارة اليمين، وحيث إنك كنت تنوي الطلاق لا التهديد، فالطلاق واقع في قول الجميع.

ثانيا:

النية معتبرة في هذا الباب، فتخصص اللفظ العام، وتقيد المطلق، بشرط أن تكون مصاحبة للفظ، فلو قلت: زوجتي طالق إن لم تفعل كذا، وتنوي إلا أن يمنعها الوالد مثلا، فمنعها، ولذلك لم تفعل، لم تطلق. وهذا فيما بين الإنسان وبين ربه، وأما في القضاء، هل يقبل منه ذلك أو لا؟ خلاف بين الفقهاء.

وقد ذكر ابن قدامة رحمه الله أن تخصيص اللفظ العام بالنية جائز ومقبول، كما لو قال نسائي طوالق , يريد بعضهن، فهذا صحيح، ويكون اللفظ بنيته منصرفا إلى ما أراده , دون ما لم يرده.

ومن شرط هذا أن تكون النية مقارنة للفظ , فأما إن كانت النية متأخرة عن اللفظ , فقال: نسائي طوالق. ثم بعد فراغه نوى بقلبه بعضهن , لم تنفعه النية , ووقع الطلاق بجميعهن ...

ومثل ذلك أيضاً: إذا نوى التخصيص بوقت معين أو حال، مثل أن يقول: أنت طالق. وينوي إن دخلت الدار , أو بعد شهر , فهذا أيضا يقبل فيه قوله، ويتخصص اللفظ بالنية.

انظر: "المغني" (٧/٣١٩) .

والذي يظهر لنا من سؤالك ومراجعتك أنك لم تنو استثناء ما يغضب الوالدين، وإنما تقول: لو اعترض علي والدي لكنت وافقته، ومثل هذا لا يكون استثناء، وقد سبق في كلام ابن قدامة رحمة الله أن الاستثناء لا يصح إذا تأخر عن الكلام.

وعلى هذا تكون هذه الطلقة واقعة، فإذا كانت الأولى أو الثانية فعليك المبادرة برد زوجتك قبل انقضاء عدتها.

نسأل الله أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>