للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نوى الفطر لأنه سيسافر من الغد ثم لم يسافر

[السُّؤَالُ]

ـ[إنسان عزم على السفر فنوى الفطر من الغد، ثم بعد طلوع الفجر ألغى السفر قبل أن يأتي بأي مفطر، ما حكم ذلك؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

دلت الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع على أن للمسافر أن يفطر في رمضان، ثم يقضي عدد الأيام التي أفطرها، قال الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/١٨٥.

ومن كان في بلده، ثم عزم على السفر، فلا يسمى مسافرا حتى يفارق عمران بلده. فلا يحل له أن يأخذ برخص السفر كالفطر والقصر بمجرد نية السفر، لأن الله تعالى إنما أباح الفطر للمسافر، ولا يكون مسافرا حتى يفارق بلده.

قال ابن قدامة في "المغني" (٤/٣٤٧) بعد أن ذكر أن من سافر أثناء اليوم فله الفطر، قال:

" إذا ثبت هذا؛ فإنه لا يباح له الفطر حتى يُخَلِّف البيوتَ وراء ظهره , يعني أنه يجاوزها ويخرج من بين بنيانها. وقال الحسن: يفطر في بيته , إن شاء , يوم يريد أن يخرج. وروي نحوه عن عطاء. قال ابن عبد البر: قول الحسن قول شاذ , وليس الفطرُ لأحدٍ في الحضرِ في نظرٍ ولا أثر. وقد روي عن الحسن خلافه ".

ثم قال ابن قدامة: " لقول الله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) البقرة/١٨٥. وهذا شاهد (أي حاضر لم يسافر) , ولا يوصف بكونه مسافرا حتى يخرج من البلد , ومهما كان في البلد فله أحكام الحاضرين , ولذلك لا يقصر الصلاة " انتهى

وسئل الشيخ ابن عثيمين: عن رجل نوى السفر فأفطر في بيته لجهله، ثم انطلق، هل عليه الكفارة؟

فأجاب: " حرام عليه أن يفطر وهو في بيته، ولكن لو أفطر قبل مغادرته بيته فعليه القضاء فقط " انتهى. "فتاوى الصيام" (ص ١٣٣) .

وقال في "الشرح الممتع" (٦/٢١٨) :

" جاءت السنة والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم أنه إذا سافر في أثناء اليوم فله الفطر، ولكن هل يشترط أن يفارق قريته؟ أو إذا عزم على السفر وارتحل فله أن يفطر؟

الجواب: في هذا قولان عن السلف.

ذهب بعض أهل العلم إلى جواز الفطر إذا تأهب للسفر ولم يبق عليه إلا أن يركب، وذكروا ذلك عن أنس رضي الله عنه أنه كان يفعله، وإذا تأملت الآية وجدت أنه لا يصح هذا؛ لأنه إلى الآن لم يكن على سفر فهو الآن مقيم وحاضر، وعليه؛ فلا يجوز له أن يفطر إلا إذا غادر بيوت القرية. . .

فالصحيح أنه لا يفطر حتى يفارق القرية، ولذلك لا يجوز أن يقصر الصلاة حتى يخرج من البلد، فكذلك لا يجوز أن يفطر حتى يخرج من البلد " انتهى باختصار تصرف يسير.

وبناء على ذلك، فمن عزم على السفر ليلا، فلا يجوز له أن يصبح مفطرا، بل يلزمه أن ينوي الصوم، فإن أصبح وسافر، جاز له الفطر بعد مفارقة بلده.

والحاصل: أن من نوى الفطر من الليل بحجة أنه سيسافر غدا، فقد أخطأ. ويلزمه قضاء يوم مكان ذلك اليوم، حتى لو فرض أنه لم يسافر؛ لأنه لم ينو الصيام من الليل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَمْ يُجْمِعْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ) رواه أبو داود (٢٤٥٤) والترمذي (٧٣٠) وصححه الألباني في صحيح أبي داود. ويلزمه في حالة عدم السفر أن يمسك عن المفطرات بقية اليوم، احتراما للشهر، لأنه أفطر من غير عذر شرعي.

انظر: "الشرح الممتع" (٦/٢٠٩) .

فعلى السائل أن يستغفر الله ويتوب إليه مما فعل، ويقضي ذلك اليوم.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>